وَجِزْيَةٌ يَضَعُهَا الْإِمَامُ إِذَا غَلَبَ الْكُفَّارَ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى مِلْكِهِمْ، فَيَضَعُ عَلَى الظَّاهِرِ الْغَنِيِّ فِي كُلِّ سَنَةِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَتَجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَتُؤْخَذُ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِقِسْطِهِ، وَتُوضَعُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَجَمِ، وَلَا يَجُوزُ مِنَ الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
عَلَى أَلْفٍ وَمِائَتَيْ حُلَّةٍ وَكَانَتْ جِزْيَةً بِالصُّلْحِ.
(وَجِزْيَةٌ يَضَعُهَا الْإِمَامُ إِذَا غَلَبَ الْكُفَّارَ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى مِلْكِهِمْ، فَيَضَعُ عَلَى الظَّاهِرِ الْغَنِيِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَتَجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ، وَتُؤْخَذُ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِقِسْطِهِ) هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ غَيْرِهِمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِمُعَاذٍ: «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ وَحَالِمَةٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرِيٌّ» فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصُّلْحِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ وَحَالِمَةٌ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا فِي الْمُصَالَحَةِ كَمَا صَالَحَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الزَّكَاةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالْفَقِيرِ، وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُنْظَرَ فِي كُلِّ بَلَدٍ إِلَى حَالِ أَهْلِهِ وَمَا يَعْتَبِرُونَهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ عَادَةَ الْبِلَادِ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِإِسْقَاطِ الْقَتْلِ فَتَجِبُ لِلْحَالِ كَالْوَاجِبِ بِالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَلِأَنَّ الْمُعَوِّضَ قَدْ سَلَّمَ لَهُمْ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْعِوَضَ عَلَيْهِمْ كَالثَّمَنِ وَقَسَّطْنَاهَا عَلَى الْأَشْهَرِ تَخْفِيفًا وَلِيُمْكِنَهُ الْأَدَاءُ.
قَالَ: (وَتُوضَعُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَجَمِ) أَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: ٢٩] إِلَى أَنْ قَالَ: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: ٢٩] ؛ وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَلِمَا رُوِيَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَا أَصْنَعُ بِهِمْ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقُولُ: " سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ "، فَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ» . وَأَمَّا عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَجَمِ فَلِأَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ رِجَالِهِمْ كَالْكِتَابِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ إِبْقَاؤُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ بِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ الرِّقُّ جَازَ بِالْآخَرِ وَهُوَ الْجِزْيَةُ.
(وَلَا يَجُوزُ) أَخْذُهَا مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ (مِنَ الْعَرَبِ وَ) لَا مِنَ (الْمُرْتَدِّينَ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِبْقَاؤُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ بِالرِّقِّ فَكَذَا بِالْجِزْيَةِ، لِأَنَّ كُفْرَهُمْ أَقْبَحُ وَأَغْلَظُ. أَمَّا الْعَرَبُ فَإِنَّهُمْ بَالَغُوا فِي أَذَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّكْذِيبِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ وَطَنِهِ، فَتَغَلَّظَتِ عُقُوبَتُهُمْ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَوْمَ حُنَيْنٍ: «لَوْ كَانَ يَجْرِي عَلَى عَرَبِيٍّ رِقٌّ لَكَانَ الْيَوْمَ، وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ» . وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلِأَنَّهُ كَفَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute