وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا مُكَاتَبٍ، وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدٍ، وَلَا شَيْخٍ كَبِيرٍ، وَلَا الرَّهَابِينَ الْمُنْعَزِلِينَ، وَلَا فَقِيرٍ غَيْرَ مُعْتَمِلٍ، وَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالْإِسْلَامِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» . وَيَسْتَرِقُّ نِسَاءَ الْعَرَبِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَرَقَّهُمْ كَمَا اسْتَرَقَّ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ وَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَتُجْبَرُ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ: (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا مَكَاتَبٍ، وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدٍ، وَلَا شَيْخٍ كَبِيرٍ) ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْجِزْيَةَ شُرِعَتْ جَزَاءً عَنِ الْكُفْرِ وَحَمْلًا لَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَتَجْرِي مَجْرَى الْقَتْلِ، فَمَنْ لَا يُعَاقَبُ بِالْقَتْلِ لَا يُؤَاخَذُ بِالْجِزْيَةِ، فَإِذَا حَصَلَ الزَّاجِرُ فِي حَقِّ الْمُقَاتِلَةِ وَهُمُ الْأَصْلُ انْزَجَرَ التَّبَعُ، أَوْ نَقُولُ: وَجَبَتْ لِإِسْقَاطِ الْقَتْلِ، فَمَنْ لَا يَجِبْ قَتْلُهُ لَا تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ، وَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَضَعْ عَلَى النِّسَاءِ جِزْيَةً. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الزَّمِنِ وَالْأَعْمَى وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ إِذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ، وَوُجُودُ الْمَالِ أَكْثَرُ مِنَ الْعَمَلِ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ كَانَ لَهُ رَأْيٌ فِي الْحَرْبِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يُعِينُ بِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ كَذَلِكَ.
قَالَ: (وَلَا) عَلَى (الرَّهَابِينِ الْمُنْعَزِلِينَ، وَلَا فَقِيرٍ غَيْرِ مُعْتَمِلٍ) وَالْمُرَادُ الرَّهَابِينُ الَّذِينَ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْعَمَلِ وَالسَّيَّاحِينَ وَنَحْوِهِمْ. أَمَّا إِذَا كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى الْعَمَلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ وَإِنِ اعْتَزَلُوا وَتَرَكُوا الْعَمَلَ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْعَمَلِ فَصَارُوا كَالْمُعْتَمِلِينَ إِذَا تَرَكُوا الْعَمَلَ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ كَتَعْطِيلِ أَرْضِ الْخَرَاجِ. وَأَمَّا الْفَقِيرُ غَيْرُ الْمُعْتَمِلِ، فَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَرَطَ كَوْنَهُ مُعْتَمِلًا وَأَنَّهُ دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَمِلِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُطِيقٍ لِلْأَدَاءِ فَيُعْتَبَرُ بِالْأَرْضِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ اعْتِبَارًا لِخَرَاجِ الرَّأْسِ بِخَرَاجِ الْأَرْضِ؛ وَلَا جِزْيَةَ عَلَى الْفَقِيرِ التَّغْلِبِيِّ لِمَا سَبَقَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ صُلْحِهِمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُسْلِمِ.
وَلَوْ مَرِضَ الذِّمِّيُّ جَمِيعَ السَّنَةِ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمِلِ لِمَا بَيَّنَا؛ وَلَوْ مَرِضَ أَكْثَرَ السَّنَةِ سَقَطَتْ أَيْضًا إِقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَرِضَ نِصْفَ السَّنَةِ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ فَيَتَرَجَّحُ الْمُسْقِطُ.
وَلَوْ أَدْرَكَ الصَّبِيُّ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَبَرِئَ الْمَرِيضُ قَبْلَ وَضْعِ الْإِمَامِ الْجِزْيَةَ وُضِعَ عَلَيْهِمْ، وَبَعْدَ وَضْعِ الْجِزْيَةِ لَا يُوضَعُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَهْلِيَّتُهُمْ دُونَ الْوَضْعِ، لِأَنَّّ الْإِمَامَ يَخْرُجُ فِي تَعَرُّفِ حَالِهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلَمْ يَكُونُوا أَهْلًا وَقْتَ الْوَضْعِ، بِخِلَافِ الْفَقِيرِ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ الْوَضْعِ حَيْثُ يُوضَعُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ الْفَقِيرَ أَهْلٌ لِلْجِزْيَةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُ لِلْعَجْزِ وَقَدْ زَالَ.
قَالَ: (وَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالْإِسْلَامِ) لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ عَنِ الْكُفْرِ وَحَمْلًا عَلَى الْإِسْلَامِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute