للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْظُرُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا، وَيَنْظُرُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَأَمَةِ الْغَيْرِ إِلَى الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالصَّدْرِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالشَّعْرِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمَسَّ مَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ إِذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (وَيَنْظُرُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا) وَكَذَا يَحِلُّ لَهُ مَسُّهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِي الْفَرْجِ وَمَا دُونَهُ، قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦] ؛ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «غُضَّ بَصَرَكَ إِلَّا عَنْ زَوْجَتِكَ» . وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِي الدُّبُرِ وَلَا فِي الْفَرْجِ حَالَةَ الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ أَتَى كَاهِنًا وَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ، وَنَظَرُهُ إِلَى فَرْجِهَا وَنَظَرُهَا إِلَى فَرْجِهِ مُبَاحٌ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّظَرَ أَبْلَغُ فِي تَحْصِيلِ اللَّذَّةِ، وَقِيلَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ لِأَنَّهُ يُورِثُ النِّسْيَانَ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ مَا اسْتَطَاعَ وَلَا يَتَجَرَّدَانِ تَجَرُّدَ الْعِيرِ» .

قَالَ: (وَيَنْظُرُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَأَمَةِ الْغَيْرِ إِلَى الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالصَّدْرِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالشَّعْرِ) ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: ٣١] الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ مَوْضِعُ الزِّينَةِ، لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى نَفْسِ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْكُحْلِ وَأَنْوَاعِ الزِّينَةِ حَلَالٌ لِلْأَجَانِبِ وَالْأَقَارِبِ، فَكَانَ الْمُرَادُ مَوَاضِعَ الزِّينَةِ بِطَرِيقِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ.

وَمَوَاضِعُ الزِّينَةِ مَا ذَكَرْنَا، فَالرَّأْسُ مَوْضِعُ الْإِكْلِيلِ، وَالشَّعْرُ مَوْضِعُ الْعِقَاصِ، وَالْأُذُنُ مَوْضِعُ الْقُرْطِ، وَالْعُنُقُ مَوْضِعُ الْقَلَائِدِ، وَالصَّدْرُ مَوْضِعُ الْوِشَاحِ، وَالْعَضُدَانِ مَوْضِعُ الدُّمْلُجِ، وَالذِّرَاعُ مَوْضِعُ السِّوَارِ، وَالسَّاقُ مَوْضِعُ الْخُلْخَالِ. وَعَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَا يَدْخُلَانِ عَلَى أُخْتِهِمَا أُمِّ كُلْثُومٍ وَهِيَ تَمْتَشِطُ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمَحْرَمِيَّةُ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُؤَبَّدَةٌ فِي الْكُلِّ فَيَسْتَوِينَ فِي إِبَاحَةِ النَّظَرِ وَالْمَسِّ.

قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمَسَّ مَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ إِذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ) ؛ لِأَنَّ الْمُسَافَرَةَ مَعَهُنَّ حَلَالٌ بِالنَّصِّ وَيُحْتَاجُ فِي السَّفَرِ إِلَى مَسِّهِنَّ فِي الْإِرْكَابِ وَالْإِنْزَالِ، وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ مَغَازِيهِ قَبَّلَ رَأْسَ فَاطِمَةَ. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَبَّلَ رَأْسَ عَائِشَةَ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يُقَبِّلُ رَأْسَ أُمِّهِ، وَلِأَنَّ الْمَحْرَمَ لَمَّا كَانَ لَا يُشْتَهَى عَادَةً حَلَّتْ مَعَهُ مَحَلَّ الرِّجَالِ.

وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِذَا خَافَ الشَّهْوَةَ أَوْ غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ، فَإِنَّ مَنْ رَتَعَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» ، وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ حَتَّى يُجَاوِزَ الرُّكْبَةَ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَلَا إِلَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ، لِأَنَّ حُكْمَ الظِّهَارِ إِنَّمَا ثَبَتَ لِتَشْبِيهِهِ بِظَهْرِ الْأُمِّ، فَلَوْلَا حُرْمَةُ ظَهْرِهَا لَمَا ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الزَّوْجِيَّةُ كَمَا إِذَا شَبَّهَهَا بِيَدِهَا وَرِجْلِهَا، وَإِذَا ثَبَتَتْ حُرْمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>