للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءَ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ إِلَّا الْخَاتَمُ وَالْمِنْطَقَةُ وَحِلْيَةُ السَّيْفِ مِنَ الْفِضَّةِ وَكِتَابَةُ الثَّوْبِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَشَدُّ الْأَسْنَانِ بِالْفِضَّةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُلْبَسَ الصَّبِيُّ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءِ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ) لِمَا سَبَقَ مِنَ الْحَدِيثِ، (إِلَّا الْخَاتَمُ وَالْمِنْطَقَةُ وَحِلْيَةُ السَّيْفِ مِنَ الْفِضَّةِ وَكِتَابَةُ الثَّوْبِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَشَدُّ الْأَسْنَانِ بِالْفِضَّةِ) أَمَّا الْخَاتَمُ وَالْمِنْطَقَةُ وَحِلْيَةُ السَّيْفِ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ لَهُ خَاتَمٌ مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ "، «وَنَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ» ، ثُمَّ التَّخَتُّمُ سُنَّةٌ لِمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْقَاضِي وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا وَمَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَيْهِ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ.

وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ مِثْقَالٍ فَمَا دُونَهُ وَيَجْعَلَ فَصَّهُ إِلَى بَاطِنِ كَفِّهِ، بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ فِي حَقِّهِنَّ دُونَ الرِّجَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ فَصَّهُ عَقِيقًا أَوْ فَيْرُوزَجًا أَوْ يَاقُوتًا أَوْ نَحْوَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْقُشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ أَوِ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَعَامُلِ النَّاسِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَا بَأْسَ بِسَدِّ ثَقْبِ الْفَصِّ بِمِسْمَارِ الذَّهَبِ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَأَشْبَهَ الْعَلَمَ، وَيُكْرَهُ التَّخَتُّمُ بِالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّهُ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ وَقَدْ نَهَى عَنْهُ. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ قَبْضَةُ سَيْفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ فِضَّةٍ.

وَأَمَّا كِتَابَةُ الثَّوْبِ كَمَا بَيَّنَا فِي الْعَلَمِ الْحَرِيرِ، وَكَرِهَهُ أَبُو يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ.

وَأَمَّا شَدُّ الْأَسْنَانِ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: يَجُوزُ بِالذَّهَبِ أَيْضًا قِيَاسًا عَلَى الْأَنْفِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ «أَنَّ عَرْفَجَةَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ كُلَابٍ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ، فَأَمَرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» وَكَانَ ضَرُورَةً فَيَجُوزُ. وَلَهُ أَنَّ الضَّرُورَةَ فِي الْأَسْنَانِ تَنْدَفِعُ بِالْأَدْنَى وَهُوَ الْفِضَّةُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْأَنْفِ فَافْتَرَقَا.

قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يُلْبَسَ الصَّبِيُّ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ) لِئَلَّا يَعْتَادَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَيُنْهَى عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ لِيَعْتَادَ فِعْلَ الْخَيْرِ وَيَأْلَفَ تَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ فَكَذَلِكَ هَذَا، وَالْإِثْمُ عَلَى مَنْ أَلْبَسَهُ لِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَيْهِ.

قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ شَرِبَ فِي إِنَاءِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَكَأَنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» ؛ وَعَلَى هَذَا الْمِجْمَرَةُ وَالْمِلْعَقَةُ وَالْمِدْهَنُ وَالْمِيلُ وَالْمُكْحُلَةُ وَالْمِرْآةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالنُّصُوصُ وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الشُّرْبِ فَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَالْجَامِعُ أَنَّهُ زِيُّ الْمُتَكَبِّرِينَ وَتَنَعُّمُ الْمُتْرَفِينَ، وَأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَيَعُمُّ الْكُلَّ.

(وَيَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ) لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>