للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ هُوَ فَرْضٌ، وَهُوَ الْكَسْبُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ لِيُوَاسِيَ بِهِ فَقِيرًا، أَوْ يُجَازِيَ بِهِ قَرِيبًا وَمُبَاحٌ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّنَعُّمِ وَمَكُرُوهٌ، وَهُوَ الْجَمْعُ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّكَاثُرِ وَالْبَطَرِ وَالْأَشَرِ وَإِنْ كَانَ مِنْ حِلٍّ.

أَمَّا الْأَكْلُ فَعَلَى مَرَاتِبَ: فَرْضٌ، وَهُوَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ وَمَأْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَيَسْهُلَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مِنَ الْفَقْرِ» ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَ الزَّرْعَ عَلَى التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ نَفْعًا، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَا زَرَعَ أَوْ غَرَسَ مُسْلِمٌ شَجَرَةً فَتَنَاوَلَ مِنْهَا إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ طَيْرٌ إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً» .

(ثُمَّ هُوَ) أَنْوَاعٌ: (فَرْضٌ، وَهُوَ الْكَسْبُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يُتَوَسَّلُ إِلَى إِقَامَةِ الْفَرْضِ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَنَفَقَةُ مَنْ يُجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، فَإِنْ تَرَكَ الِاكْتِسَابِ بَعْدَ ذَلِكَ وَسِعَهُ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافَى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» وَإِنِ اكْتَسَبَ مَا يَدَّخِرُهُ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ادَّخَرَ قُوتَ عِيَالِهِ سَنَةً.

(وَمُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ لِيُوَاسِيَ بِهِ فَقِيرًا، أَوْ يُجَازِيَ بِهِ قَرِيبًا) فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ التَّخَلِّي لِنَفْلِ الْعِبَادَةِ، لِأَنَّ مَنْفَعَةَ النَّفْلِ تَخُصُّهُ وَمَنْفَعَةَ الْكَسْبِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «خَيْرُ النَّاسِ مَنْ يَنْفَعُ النَّاسَ» ؛ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «تَبَاهَتِ الْعِبَادَاتُ فَقَالَتِ الصَّدَقَةُ أَنَا أَفْضَلُهَا» ؛ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «النَّاسُ عِيَالُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَيْهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ» .

(وَمُبَاحٌ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّنَعُّمِ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُتَعَفِّفًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَوَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» .

(وَمَكْرُوهٌ، وَهُوَ الْجَمْعُ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّكَاثُرِ وَالْبَطَرِ وَالْأَشَرِ وَإِنْ كَانَ مِنْ حِلٍّ) ، فَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا مُفَاخِرًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» .

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ بَنِي آدَمَ خَلْقًا لَا قِوَامَ لَهُ إِلَّا بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ، وَكُلٌّ مِنْهَا يَنْقَسِمُ إِلَى: مُبَاحٍ وَمَحْظُورٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَنَا أُبَيِّنُهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى.

(أَمَّا الْأَكْلُ فَعَلَى مَرَاتِبَ: فَرْضٌ، وَهُوَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ) لِأَنَّهُ لِإِبْقَاءِ الْبِنْيَةِ، إِذْ لَا بَقَاءَ لَهَا بِدُونِهِ وَبِهِ يُتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ عَلَى مَا مَرَّ وَيُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّ اللَّهَ لِيُؤْجِرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى اللُّقْمَةَ يَرْفَعُهَا الْعَبْدُ إِلَى فِيهِ» . فَإِنْ تَرَكَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ حَتَّى هَلَكَ فَقَدْ عَصَى، لِأَنَّ فِيهِ إِلْقَاءَ النَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ.

قَالَ (وَمَأْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَيَسْهُلَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>