وَيُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ التَّعْلِيمِ إِلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ، وَلَا تَأْقِيتَ فِيهِ، فَإِنْ أَكَلَ أَوْ تَرَكَ الْإِجَابَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِتَعْلِيمِهِ حُكِمَ بِجَهْلِهِ وَحَرُمَ (سم) مَا بَقِيَ مِنْ صَيْدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِيًا حَلَّ، وَلَوْ رَمَى بِسَهْمٍ وَاحِدٍ صُيُودًا، أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صُيُودٍ فَأَخَذَهَا أَوْ أَحَدَهَا، أَوْ أَرْسَلَهُ إِلَى صَيْدٍ فَأَخَذَ غَيْرَهُ حَلَّ مَا دَامَ فِي جِهَةِ إِرْسَالِهِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
عَلَى ذَلِكَ، وَالْفَهْدُ وَنَحْوُهُ يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ وَعَادَتُهُ الِافْتِرَاسُ وَالنِّفَارُ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ تَرْكُ الْأَكْلِ وَالْإِجَابَةِ جَمِيعًا.
قَالَ: (وَيَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ التَّعْلِيمِ إِلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَلَا تَأْقِيتَ فِيهِ) لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تُعْرَفُ اجْتِهَادًا بَلْ سَمَاعًا وَلَا سَمْعَ فَيُفَوَّضُ إِلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ طِبَاعِهَا. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَأْكُلْ أَوَّلَ مَا يَصِيدُهُ وَلَا الثَّانِي وَكُلِ الثَّالِثَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إِذَا تَرَكَ الْأَكْلَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ صَارَ مُعَلَّمًا وَلَا يُؤْكَلُ الثَّالِثُ، لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يَثْبُتُ بِالتَّرْكِ مَرَّةً لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَهُ شِبَعًا أَوْ خَوْفًا مِنَ الضَّرْبِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْمَرَّاتِ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ، وَلَا يُؤْكَلُ الثَّالِثُ لِأَنَّ بَعْدَهَا حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ عَالِمًا، وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ يُؤْكَلُ لِأَنَّ بِالثَّالِثَةِ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَالِمٌ فَكَانَ صَيْدَ جَارِحَةٍ مُعَلَّمَةٍ فَيُؤْكَلُ.
قَالَ: (فَإِنْ أَكَلَ أَوْ تَرَكَ الْإِجَابَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِتَعْلِيمِهِ حُكِمَ بِجَهْلِهِ وَحَرُمَ مَا بَقِيَ مِنْ صَيْدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ) وَقَالَا: لَا يَحْرُمُ إِلَّا الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِحَلِّ صَيْدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يُنْقَضُ بِاجْتِهَادٍ مِثْلِهِ. وَلَهُ أَنَّ بِالْأَكْلِ عَلِمْنَا جَهْلَهُ، لِأَنَّ الصَّيْدَ حِرْفَةٌ قَلَّمَا تُنْسَى، فَلَمَّا أَكَلَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَيَحْرُمُ جَمِيعُ مَا صَادَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَيْدُ كَلْبٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ، وَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَيْدِهِ، لِأَنَّ مَا أُكِلَ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْحُكْمِ، وَالِاجْتِهَادُ يُتْرَكُ بِمِثْلِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْأَكْلُ كَاجْتِهَادِ الْقَاضِي إِذَا تَبَدَّلَ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَمَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ مِنْ صَيْدٍ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ.
قَالَ: (وَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِيًا حَلَّ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» الْحَدِيثَ.
قَالَ: (وَلَوْ رَمَى بِسَهْمٍ وَاحِدٍ صُيُودًا، أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صُيُودٍ فَأَخَذَهَا أَوْ أَحَدَهَا، أَوْ أَرْسَلَهُ إِلَى صَيْدٍ فَأَخَذَ غَيْرَهُ حَلَّ مَا دَامَ فِي جِهَةِ إِرْسَالِهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ حُصُولُ الصَّيْدِ وَالذَّبْحُ يَقَعُ بِالْإِرْسَالِ وَهُوَ فِعْلٌ وَاحِدٌ فَيُكْتَفَى فِيهِ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ، بِخِلَافِ مَنْ ذَبَحَ الشَّاتَيْنِ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَذْبُوحَةٌ بِفِعْلٍ آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةٍ أُخْرَى حَتَّى لَوْ أَضْجَعَ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى وَذَبَحَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً أَجْزَأَهُ تَسْمِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلِأَنَّ الْأَخْذَ مُضَافٌ إِلَى الْإِرْسَالِ وَفِي تَعْيِينِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ نَوْعُ حَرِجٍ فَلَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْفَهْدَ فَكَمَنَ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنَ الصَّيْدِ فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ حَلَّ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ لِيَتَمَكَّنَ مَنْ أَخَذِ الصَّيْدِ، وَكَذَا الْكَلْبُ إِذَا تَعَوَّدَ هَذِهِ الْعَادَةَ بِمَنْزِلَةِ الْفَهْدِ، وَلَوْ عَدَلَ عَنِ الصَّيْدِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَتَشَاغَلَ فِي غَيْرِ طَلَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute