للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يُسَمِّ ثُمَّ زَجَرَهُ وَسَمَّى، أَوْ أَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَالْمُعْتَبَرُ حَالَةُ الْإِرْسَالِ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ شَرِبَ دَمَهُ أُكِلَ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ قِطْعَةً فَرَمَاهَا ثُمَّ أَخَذَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ ثُمَّ أَكَلَ مَا أَلْقَاهُ أُكِلَ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْبَازِي يُؤْكَلُ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ حَيًّا لَا يَحِلُّ إِلَّا بِالتَّذْكِيَةِ وَكَذَلِكَ فِي الرَّمْيِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الصَّيْدِ وَفَتَرَ عَنْ سُنَنِهِ ثُمَّ اتَّبَعَ صَيْدًا فَأَخَذَهُ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُرْسَلٍ، وَالْإِرْسَالُ شَرْطٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] " أَيْ مُسَلِّطِينَ، فَإِنْ زَجَرَهُ صَاحِبُهُ فَانْزَجَرَ حَلَّ، لِأَنَّ الزَّجْرَ كَإِرْسَالٍ مُسْتَأْنَفٍ، وَلَوِ انْفَلَتَ فَصَاحَ بِهِ وَسَمَّى، فَإِنِ انْزَجَرَ بِصِيَاحِهِ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ: (وَلَوْ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يُسَمِّ ثُمَّ زَجَرَهُ وَسَمَّى، أَوْ أَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَالْمُعْتَبَرُ حَالَةُ الْإِرْسَالِ) وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ فَزَجَرَهُ مُرْتَدٌّ أَوْ مُحْرِمٌ فَانْزَجَرَ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا ثُمَّ زَجَرَهُ مُسْلِمٌ وَسَمَّى لَمْ يَحِلَّ، لِأَنَّ الْحُكْمَ مُضَافٌ إِلَى الْإِرْسَالِ الْأَوَّلِ وَبِهِ تُسَلَّطُ وَتُكَلَّبُ وَمَا بَعْدَهُ تَقْوِيَةٌ لِلْإِرْسَالِ وَتَحْرِيضٍ لِلْكَلْبِ فَيَعْتَبِرُ حَالَةَ الْإِرْسَالِ، فَإِذَا صَدَرَ صَحِيحًا لَا يَنْقَلِبُ فَاسِدًا، وَإِذَا صَدَرَ فَاسِدًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالزَّجْرِ، وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ الصَّيْدَ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ غَيْرُ مُرْسَلٍ فَأَخَذَهُ الْأَوَّلُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ آدَمِيٌّ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ طَيْرٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ حَلَّ، لِأَنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَبْحٌ حُكْمًا وَلَا يَصْلُحُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ مُشَارِكًا إِيَّاهُ فِي الذَّبْحِ، وَالْكَلْبُ الْجَاهِلُ يَصْلُحُ مُشَارِكًا لِأَنَّهُ جَارِحٌ بِنَفْسِهِ فَاجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ فَيَحْرُمُ كَمَا لَوْ مَدَّ الْقَوْسَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ فَأَصَابَا صَيْدًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ شَدَّ عَلَيْهِ وَاتَّبَعَ أَثَرَ الْمُرْسَلِ حَتَّى قَتَلَهُ الْأَوَّلُ أَكَلَ، لِأَنَّ الثَّانِي مُحَرِّضٌ لَا مُشَارِكٌ.

قَالَ: (فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ لَمْ يُؤْكَلْ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ لِمَا بَيَّنَّا، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» .

(وَلَوْ شَرِبَ دَمَهُ أُكِلَ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ التَّعْلِيمِ.

(وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ قِطْعَةً فَرَمَاهَا ثُمَّ أَخَذَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ ثُمَّ أَكَلَ مَا أَلْقَاهُ أُكِلَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ صَيْدًا، حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ نَفْسِ الصَّيْدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَضُرُّهُ فَهَذَا أَوْلَى.

قَالَ: (فَإِنْ أَكْلَ مِنْهُ الْبَازِي يُؤْكَلُ) وَقَدْ مَرَّ. قَالَ: (وَإِنْ أَدْرَكْهُ حَيًّا لَا يَحِلُّ إِلَّا بِالتَّذْكِيَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الرَّمْيِ) لِأَنَّهُ قُدِّرَ عَلَى الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَلَا تُجْزِئُ الِاضْطِرَارِيَّةُ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ وَهَذَا إِذَا قَدَرَ عَلَى ذَبْحِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ حَيًّا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ إِمَّا لِفَقْدِ آلَةٍ أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ وَفِيهِ مِنَ الْحَيَاةِ فَوْقَ حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ لَمْ يُؤْكَلْ.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُؤْكَلُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الذَّكَاةِ حَقِيقَةً فَصَارَ كَالْمُتَيَمِّمِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ ; وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَمَّا قَدَرَ عَلَيْهِ وَبِهِ حَيَاةٌ لَمْ يَبْقَ فَلَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَهَذَا إِذَا كَانَ بِحَالٍ يَتَوَهَّمُ حَيَاتَهُ؛ أَمَّا إِذَا بَقِيَ فِيهِ مِنَ الْحَيَاةِ مِثْلُ الْمَذْبُوحِ أَوْ بَقَرَ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ مَا فِيهَا ثُمَّ أَخَذَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِأَنَّهُ مَيْتٌ حُكْمًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>