وَإِنْ شَارَكَ كَلْبَهُ كَلْبٌ لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ، أَوْ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ، أَوْ غَيْرُ مُعَلَّمٍ لَمْ يُؤْكَلْ ; وَلَوْ سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّهُ آدَمِيًّا فَرَمَاهُ، أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ أُكِلَ; وَإِذَا وَقَعَ الصَّيْدُ فِي الْمَاءِ أَوْ عَلَى سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ سِنَانِ رُمْحٍ، ثُمَّ تَرَدَّى إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يُؤْكَلْ; وَلَوْ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى الْأَرْضِ أُكِلَ ; وَفِي طَيْرِ الْمَاءِ إِنْ أَصَابَ الْمَاءُ الْجُرْحَ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِلَّا أُكِلَ، وَلَا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَتْهُ الْبُنْدُقَةُ وَالْحَجَرُ وَالْعَصَا وَالْمِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ. فَإِنْ خَزَقَ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْمَاءِ لَا يَحْرُمُ كَمَا إِذَا وَقَعَ وَهُوَ مَيْتٌ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَخَذَهُ حَيًّا فَلَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، فَلَوْ أَنَّهُ ذَكَّاهُ حَلَّ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَعَلَى هَذَا الْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ والَّذِي بَقَرَ الذِّئْبُ بَطْنَهَا وَفِيهَا حَيَاةٌ خَفِيفَةٌ أَوْ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِمَا تَلَوْنَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ بِحَالٍ يَعِيشُ فَوْقَ مَا يَعِيشُ الْمَذْبُوحُ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا، إِذْ لَا اعْتِبَارَ بِهَذِهِ الْحَيَاةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إِذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَعِيشُ مِثْلُهُ لَا يَحِلُّ، لِأَنَّ مَوْتَهُ لَا يَحْصُلُ بِالذَّبْحِ.
قَالَ: (وَإِنْ شَارَكَ كَلْبَهُ كَلْبٌ لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ، أَوْ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ، أَوْ غَيْرُ مُعَلَّمٍ لَمْ يُؤْكَلْ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: «وَإِنْ شَارَكَ كَلْبَكَ كَلْبٌ آخَرُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبِ غَيْرِكَ» وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمُحَرِّمُ وَالْمُبِيحُ فَيَغْلِبُ الْمُحَرِّمُ الْمُبِيحَ احْتِيَاطًا.
قَالَ: (وَلَوْ سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّهُ آدَمَيًّا فَرَمَاهُ، أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ أَكَلَ) لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ مَعَ كَوْنِهِ صَيْدًا حَقِيقَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَنَّهُ حِسَّ صَيْدٍ فَتَبَيَّنَ كَذَلِكَ حَلَّ، لِأَنَّهُ صَيْدٌ وَقَدْ قَصَدَهُ فَيَحِلُّ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اسْتَثْنَى الْخِنْزِيرَ لِشِدَّةِ حُرْمَتِهِ، حَتَّى لَا تَثْبُتَ إِبَاحَةُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَغَيْرُهُ مِنَ السِّبَاعِ تَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ فِي جِلْدِهِ ; وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ آدَمِيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ أَهْلِيٍّ مِمَّا يَأْوِي الْبُيُوتَ لَمْ يُؤْكَلِ الْمُصَابُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ.
قَالَ: (وَإِذَا وَقَعَ الصَّيْدُ فِي الْمَاءِ، أَوْ عَلَى سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ سِنَانِ رُمْحٍ، ثُمَّ تَرَدَّى إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يُؤْكَلْ) لِأَنَّهُ مُتَرَدِّيَةٌ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَدِيٍّ: «وَإِنْ وَقَعَتْ رَمِيَّتُكَ فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَمْ سَهْمُكَ؟» فَقَدِ اجْتَمَعَ دَلِيلَا الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ ; وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ قَصَبَةٍ أَوْ حَرْفِ آجُرَّةٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ.
(وَلَوْ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى الْأَرْضِ أُكِلَ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، فَلَوِ اعْتَبَرْنَاهُ مُحَرَّمًا انْسَدَّ بَابُ الصَّيْدِ، فَمَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْعَدَمِ.
قَالَ: (وَفِي طَيْرِ الْمَاءِ إِنْ أَصَابَ الْمَاءُ الْجُرْحَ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِلَّا أُكِلَ) لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.
قَالَ: (وَلَا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَتْهَ الْبُنْدُقَةُ وَالْحَجَرُ وَالْعَصَا وَالْمِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَعْنَى الْمَوْقُوذَةِ.
(فَإِنْ خَزَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute