وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِهَا، وَيُطْعِمُ الْأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ وَيَدَّخِرُ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا الْكِتَابِيُّ؛
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لِأَنَّ صَلَاةَ أَهْلِ الْمِصْرِ هِيَ الْأَصْلُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَخُرُوجُ الْآخَرِينَ بِعُذْرِ ضِيقِ الْمَسْجِدِ عَنْهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِعُذْرٍ لَا يُضَحِّي حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي تَجُوزُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا، رَوَاهُ الْقُدُورِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَالْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الْأُضْحِيَّةِ لِإِمْكَانِ الْمَالِكِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ اعْتُبِرَ مَكَانُ الْمَالِكِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، فَلَوْ كَانَ بِالْمِصْرِ وَأَهْلُهُ بِالسَّوَادِ جَازَ أَنْ يُضَحُّوا عَنْهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبِالْعَكْسِ لَا، وَعِنْدَ الْحَسَنِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَيَتَأَكَّدُ وُجُوبُهَا آخَرَ أَيَّامِ النَّحْرِ حَتَّى لَوِ افْتَقَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ، وَإِنِ افْتَقَرَ بَعْدَهَا لَا تَسْقُطُ وَيَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ كَمَا بَيَّنَّا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ وَبَعْدَهَا لَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَصِيَ بِالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا، وَلَوِ اشْتَرَى الْفَقِيرُ وَضَحَّى ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، قِيلَ يُعِيدُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِآخِرِ الْوَقْتِ، وَقِيلَ لَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوَّلَ الْأَيَّامِ.
قَالَ: (وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِهَا، وَيُطْعِمُ الْأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ وَيَدَّخِرُ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلَا فَزُورُوهَا، وَكُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا» ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ وَهُوَ غَنِيٌّ فَكَذَا غَيْرُهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ الصَّدَقَةُ عَنِ الثُّلُثِ لِأَنَّ النُّصُوصَ قِسْمَتُهَا بَيْنَ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالِادِّخَارِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ الثُّلُثُ وَيَنْتَفِعُ بِجِلْدِهَا فِيمَا يَفْرِشُ وَيَنَامُ عَلَيْهِ، أَوْ يَعْمَلُ مِنْهُ آلَةً تُسْتَعْمَلُ كَالْقِرْبَةِ وَالدَّلْوِ وَالسُّفْرَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ اتَّخَذَتْ مِنْ جِلْدِ أُضْحِيَّتِهَا سِقَاءً، أَوْ يَشْتَرِي بِهِ آلَةً كَالْمُنْخُلِ وَالْغِرْبَالِ وَلَا يَشْتَرِي بِهِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إِلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ كَالْأَبَازِيرِ وَنَحْوِهَا ; لِأَنَّ الْمَأْثُورَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ بِبَدَلِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَلَا يَبِيعُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» ، فَإِنْ بَاعَهُ بِشَيْءٍ مِنَ النُّقُودِ يَتَصَدَّقُ بِهِ لِأَنَّ وَقْتَ الْقُرْبَةِ قَدْ فَاتَ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، كَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا الْكِتَابِيُّ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَإِنْ ذَبَحَهَا جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّذْكِيَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْبَحَهَا بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الذَّبْحُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، فَإِذَا فَعَلَهَا بِنَفْسِهِ كَانَ أَفْضَلَ كَمَا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ يَذْبَحُ وَيُكَبِّرُ وَيُسَمِّي» رَوَاهُ أَنَسٌ، وَرَوَى جَابِرٌ: " أَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ وَقَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ» ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهَا إِنْ لَمْ يَذْبَحْهَا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute