للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ ذَبَحَ أُضْحِيَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ (ز) ، وَلَوْ غَلِطَا فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَةَ الْآخَرِ جَازَ، وَيَأْخُذُ كُلُّ وًاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ مَذْبُوحَةً وَمَسْلُوخَةً وَلَا يُضَمِّنُهُ، فَإِنْ أَكَلَاهَا ثُمَّ عَلِمَا فَلْيَتَحَلَّلَا وَيُجْزِيهِمَا وَإِنْ تَشَاجَرَا ضَمِنَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ لَحْمِهِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَكِ، فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا إِلَى الْأَرْضِ كُلُّ ذَنْبٍ، أَمَا إِنَّهُ يُجَاءُ بِدَمِهَا وَلَحْمِهَا فَيُوضَعُ فِي مِيزَانِكِ وَسَبْعُونَ ضِعْفًا» ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا لِآلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً فَإِنَّهُمْ أَهْلٌ لِمَا خُصُّوا بِهِ مِنَ الْخَيْرِ، أَمْ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: لِآلِ مُحَمَّدٍ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» .

قَالَ: (وَلَوْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ) اسْتِحْسَانًا وَلَا يَجُوزُ قِيَاسًا، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ; لِأَنَّهُ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَيَضْمَنُ، كَمَا إِذَا ذَبَحَ شَاةَ قَصَّابٍ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَجْزِيهِ عَنِ الْأُضْحِيَّةِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ لِلذَّبْحِ أُضْحِيَّةً حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا فَصَارَ مُسْتَعِينًا بِكُلِّ مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلذَّبْحِ عَلَى ذَبْحِهَا آذِنًا لَهُ دَلَالَةً ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ إِقَامَتِهَا لِعَارِضٍ يَعْرِضُ لَهُ فَصَارَ كَمَا إِذَا ذَبَحَ شَاةً شَدَّ الْقَصَّابُ رِجْلَهَا لِيَذْبَحَهَا، وَإِنْ كَانَ تَفُوتُهُ الْمُبَاشَرَةُ وَحُضُورُهَا، لَكِنْ يَحْصُلُ لَهُ تَعْجِيلُ الْبِرِّ وَحُصُولُ مَقْصُودِهِ بِالتَّضْحِيَةِ بِمَا عَيَّنَهُ فَيَرْضَى بِهِ ظَاهِرًا.

قَالَ: (وَلَوْ غَلِطَا فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ الْآخَرِ جَازَ) وَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ مَذْبُوحَةً وَمَسْلُوخَةً وَلَا يُضَمِّنُهُ) ; لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ دَلَالَةً كَمَا مَرَّ.

(فَإِنْ أَكَلَاهَا ثُمَّ عَلِمَا فَلْيَتَحَلَّلَا وَيُجْزِيِهمَا) ; لِأَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحَبَهُ ابْتِدَاءً جَازَ.

(وَإِنْ تَشَاجَرَا ضَمِنَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ لَحْمِهِ) ; لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ لِصَاحِبِهِ كَانَ اللَّحْمُ لَهُ، وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا أَخَذَ مِنَ الْقِيمَةِ ; لِأَنَّهُ بَدَّلَ لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ أُضْحِيَّتَهُ. فَقِيرٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَضَاعَتْ فَاشْتَرَى أُخْرَى ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ عُرْفًا، وَالشِّرَاءُ قَدْ تَعَدَّدَ، بِخِلَافِ الْغَنِيِّ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. وَذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ: إِنْ أَوْجَبَ الثَّانِيَةَ إِيجَابًا مُسْتَأْنِفًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا، وَإِنْ أَوْجَبَهَا بَدَلًا عَنِ الْأُولَى فَلَهُ أَنْ يَذْبَحَ أَيَّهُمَا شَاءَ ; لِأَنَّ الْإِيجَابَ مُتَّحِدٌ فَاتَّحَدَ الْوَاجِبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>