للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا قِصَاصَ فِي اللِّسَانِ وَلَا فِي الذَّكَرِ وَلَا أَنْ تُقْطَعَ الْحَشَفَةُ، وَلَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إِلَّا السِّنَّ، فَإِنْ قُلِعَ يُقْلَعُ، وَإِنْ كُسِرَ يُبْرَدُ بِقَدْرِهِ، وَلَا قِصَاصَ فِي الْعَيْنِ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ ضَوْءُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ بِأَنْ يُوضَعَ عَلَى وَجْهِهِ قُطْنٌ رَطْبٌ وَتُقَابَلُ عَيْنُهُ بِالْمِرْآةِ الْمُحْمَاةِ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْءُهُا، وَلَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي بِالْيَدِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَمَنْ قَطَعَ يَمِينَيْ رَجُلَيْنِ قَطَعَا يَمِينَهُ وَأَخَذَا مِنْهُ دِيَةَ الْأُخْرَى بَيْنَهُمَا، فَإِنْ قَطَعَهَا أَحَدُهُمَا مَعَ غَيْبَةِ الْآخَرِ فَلِلْآخَرِ دِيَةُ يَدِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَاطِعُ أَشَلَّ أَوْ نَاقِصَ الْأَصَابِعِ، فَالْمَقْطُوعُ إِنْ شَاءَ قَطَعَ الْمَعِيبَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَدِهِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مَا لَانَ مِنْهُ، وَالْأُذُنُ بِالْأُذُنِ لِإِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْقَطْعِ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ} [المائدة: ٤٥] .

قَالَ: (وَلَا قِصَاصَ فِي اللِّسَانِ وَلَا فِي الذَّكَرِ إِلَّا أَنْ تُقْطَعَ الْحَشَفَةُ) ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ فَلَا يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْقَطْعِ فَلَا قِصَاصَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَطَعَ الْحَشَفَةَ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ كَالْمَفْصِلِ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَهَا وَبَعْضَ الذَّكَرِ فَلَا قِصَاصَ لِتَعَذُّرِ الْمُسَاوَاةِ. أَمَّا الْأُذُنُ لَا تَنْقَبِضُ فَيُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ سَوَاءٌ قَطَعَهَا أَوْ بَعْضَهَا. وَأَمَّا الشَّفَةُ إِنْ قَطَعَهَا جَمِيعَهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ لِإِمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهَا لَا قِصَاصَ لِتَعَذُّرِهَا.

قَالَ: (وَلَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إِلَّا السِّنَّ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مُتَعَذِّرَةٌ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْعِظَامِ ; لِأَنَّهُ إِذَا كُسِرَ مَوْضِعٌ يَنْكَسِرُ مَوْضِعٌ آخَرُ لِأَنَّهُ أَجْوَفُ كَالْقَارُورَةِ مُمْكِنَةٌ فِي السِّنِّ، قَالَ - تَعَالَى -: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: ٤٥] .

(فَإِنْ قَلَعَ يُقْلَعُ) سِنُّهُ.

(وَإِنْ كُسِرَ يُبْرَدُ بِقَدْرِهِ) تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ السِّنُّ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ بَرْدُهُ لَا قِصَاصَ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَنْفَعَةِ.

قَالَ: (وَلَا قِصَاصَ فِي الْعَيْنِ) لِتَعَذُّرِ الْمُسَاوَاةِ.

(إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ ضَوْءُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ) فَيُمْكِنُ الْقِصَاصُ.

(بِأَنْ يُوضَعَ عَلَى وَجْهِهِ قُطْنٌ رَطْبٌ وَتُقَابَلُ عَيْنُهُ بِالْمِرْآةِ الْمُحْمَاةِ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْءُهَا) ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ; لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فَيُسْلَكُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا قِصَاصَ فِي الْأَحْوَلِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْعَيْنِ كَالشَّلَلِ فِي الْيَدِ.

قَالَ: (وَلَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي بِالْيَدِ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

(وَتَجِبُ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ مَتَى تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ تَجِبُ الدِّيَةُ لِئَلَّا تَخْلُوَ الْجِنَايَةُ عَنْ مُوجَبٍ.

قَالَ: (وَمَنْ قَطَعَ يَمِينَيْ رَجُلَيْنِ قَطَعَا يَمِينَهُ وَأَخَذَا مِنْهُ دِيَةَ الْأُخْرَى بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَالْغُرَمَاءِ فِي التَّرِكَةِ.

(فَإِنْ قَطَعَهَا أَحَدُهُمَا مَعَ غَيْبَةِ الْآخَرِ فَلِلْآخَرِ دِيَةُ يَدِهِ) لِأَنَّ الْحَاضِرَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَبَقِيَ حَقُّ الْغَائِبِ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فَيُصَارُ إِلَى الدِّيَةِ.

قَالَ: (وَإِذَا كَانَ الْقَاطِعُ أَشَلَّ أَوْ نَاقِصَ الْأَصَابِعِ، فَالْمَقْطُوعُ إِنْ شَاءَ قَطَعَ الْمَعِيبَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَدِهِ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ كَمَلاً، فَإِنْ رَضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>