وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ فَالْمَشْجُوجُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ بِقَدْرِ شَجَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَهَا، وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأً ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ خَطَأً بَعْدَهُ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا بَعْدَ الْبُرْءِ أُخِذَ بِالْأَمْرَيْنِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بِدُونِ حَقِّهِ أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعِوَضَ وَهُوَ الْأَرْشُ، كَمَنْ غَصَبَ مِثْلِيًّا فَأَتْلَفَهُ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ كَذَا هَذَا، وَلَوْ سَقَطَتِ الْيَدُ الْمَعِيبَةُ أَوْ قُطِعَتْ ظُلْمًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَعَيُّنِ حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَالًا بِاخْتِيَارِهِ فَيَسْقُطُ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ قُطِعَتْ فِي قِصَاصٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لِأَنَّهُ أَوْفَى بِهَا حَقًّا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فَهِيَ سَالِمَةٌ لَهُ مَعْنًى.
(وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ كَمَلاً لِأَنَّهُ إِنْ أَخَذَ بِقَدْرِ شَجَّتِهِ مِسَاحَةً يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِ حَقِّهِ ; لِأَنَّهُ إِذَا شَجَّ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَمَا بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّاجِّ أَقَلَّ مِسَاحَةً، فَإِذَا اسْتَوْفَى مِقْدَارَ شَجَّتِهِ وَهُوَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ فَقَدْ تَعَدَّى إِلَى غَيْرِ حَقِّهِ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا قُلْنَا.
(وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ فَالْمَشْجُوجُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ بِقَدْرِ شَجَّتِهِ، وَإِنْ شَاءٍ أَخَذَ أَرْشَهَا) ; لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مَا بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّاجِّ يَزْدَادُ شَيْنُ الشَّاجِّ بُطُولِ الشَّجَّةِ، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَيَتَخَيَّرُ لِمَا مَرَّ، وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَوْعَبَتِ الشَّجَّةُ مِنْ جَبْهَتِهِ إِلَى قَفَاهُ، وَلَا يَبْلُغُ قَفَا الشَّاجِّ يُخَيَّرُ كَمَا قُلْنَا.
قَالَ: (وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأٍ ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ خَطَأٍ بَعْدَهُ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا بَعْدَ الْبُرْءِ أَخَذَ بِالْأَمْرَيْنِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجِرَاحَاتِ تُجْمَعُ ; لِأَنَّ الْقَتْلَ غَالِبًا إِنَّمَا يَقَعُ بِجِرَاحَاتٍ مُتَعَاقِبَةٍ، فَلَوِ اعْتَبَرْنَا كُلَّ جِرَاحَةٍ عَلَى حِدَةٍ أَدَّى إِلَى الْحَرَجِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنُ يُعْطَى كُلُّ جِرَاحَةٍ حُكْمُهَا، وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ وَتَغَايُرِ حُكْمِهِمَا، وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ فَلِتَخَلُّلِ الْبُرْءِ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلسَّرَايَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُكْتَفَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْخَطَأَيْنِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا فِي الْعَمْدَيْنِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا، ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا قَبْلَ الْبُرْءِ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ مُتَّحِدٌ وَلَمْ يَتَخَلَّلِ الْبُرْءَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْخَطَأِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَالَ لَهُمْ: اقْطَعُوهُ ثُمَّ اقْتُلُوهُ، وَإِنْ شَاءَ قَالَ لَهُمْ: اقْتُلُوهُ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ بِالْقَطْعِ وَالْقَتْلُ بِالْقَتْلِ فَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ، أَوْ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ إِضَافَةَ السَّرَايَةِ إِلَى الْقَطْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ وَجَدَا مِنْ شَخْصَيْنِ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ فَصَارَ كَمَا إِذَا تَخَلَّلَ الْبُرْءُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا سَرَى الْقَطْعُ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَاحِدٌ، وَبِخِلَافِ الْخَطَأَيْنِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الدِّيَةُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُسَاوَاةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute