للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي الْمُوضِحَةِ الْقِصَاصُ إِنْ كَانَتْ عَمْدًا، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَفِي الْهَاشِمَةِ الْعُشْرُ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرٌ وَنِصْفٌ، وَفِي الْآمَّةِ الثُّلُثُ، وَكَذَا الْجَائِفَةُ، فَإِذَا نَفَذَتْ فَثُلُثَانِ، وَالشِّجَاجُ يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، وَالْجَائِفَةُ بِالْجَوْفِ وَالْجَنْبِ وَالظَّهْرِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ جِرَاحَاتٌ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَحُكُومَةُ الْعَدْلِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْرُوحُ عَبْدًا سَالِمًا وَسَلِيمًا فَمَا نَقَصَتِ الْجِرَاحَةُ مِنَ الْقِيمَةِ يُعْتَبَرُ مِنَ الدِّيَةِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مَعَهَا وَلَيْسَ لَهَا حُكْمٌ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَارِصَةَ وَالدَّامِعَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ غَالِبًا، وَالشَّجَّةُ الَّتِي لَا أَثَرَ لَهَا لَا حُكْمَ لَهَا.

قَالَ: (فَفِي الْمُوضِحَةِ الْقِصَاصُ إِنْ كَانَتْ عَمْدًا) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] ، وَأَنَّهُ مُمْكِنٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنْهِيَ السِّكِّينَ إِلَى الْعَظْمِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ، وَقَدْ قَضَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ.

قَالَ: (وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَلَا يُمْكِنُ إِهْدَارُهَا فَتَجِبُ الْحُكُومَةُ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ خُدُوشٌ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ: فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ الْقِصَاصُ دُونَ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ فِيمَا قَبْلَهَا بِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الْجِرَاحَةِ بِمِسْمَارٍ ثُمَّ تُؤْخَذُ حَدِيدَةٌ عَلَى قَدْرِهَا وَيُنْفَذُ فِي اللَّحْمِ إِلَى آخِرِهَا فَيَسْتَوْفِي مِثْلَ مَا فَعَلَ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدَهَا ; لِأَنَّ كَسْرَ الْعَظْمِ وَتَنَقُّلَهُ لَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ.

قَالَ: (وَفِي الْمُوضِحَةِ الْخَطَأُ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَفِي الْهَاشِمَةِ الْعُشْرُ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرٌ وَنِصْفٌ، وَفِي الْآمَّةِ الثُّلُثُ، وَكَذَا الْجَائِفَةُ، فَإِذَا نَفَذَتْ فَثُلُثَانِ) لِمَا «رَوَى عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَتَبَ لَهُ: " وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي الْآمَّةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ» ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ حَكَمَ فِي جَائِفَةٍ نَفَذَتْ بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ ; لِأَنَّهَا إِذَا نَفَذَتْ فَهِيَ جَائِفَتَانِ.

قَالَ: (وَالشِّجَاجُ يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ) لُغَةً كَالْخَدَّيْنِ وَالذَّقْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالْجَبْهَةِ.

(وَالْجَائِفَةُ بِالْجَوْفِ وَالْجَنْبِ وَالظَّهْرِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ جِرَاحَاتٌ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ) ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ وَلَا مُهْدَرَةٍ فَتَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ.

قَالَ: (وَحُكُومَةُ الْعَدْلِ أَنْ يَقُومَ الْمَجْرُوحُ عَبْدًا سَالِمًا وَسَلِيمًا) أَيْ صَحِيحًا وَجَرِيحًا.

(فَمَا نَقَصَتِ الْجِرَاحَةُ مِنَ الْقِيمَةِ يُعْتَبَرُ مِنَ الدِّيَةِ) فَإِنْ نَقَصَتْ عُشْرَ الْقِيمَةِ تَجِبُ عُشْرُ الدِّيَةِ وَعَلَى هَذَا، وَأَرَادَ بِالسَّلِيمِ الْجَرِيحَ، وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلَدِيغٍ اسْتِعَارَةً؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، وَهَذَا عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ وَالْقَيِّمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ لِلْحُرِّ، فَمَا أَوْجَبَتْ نَقْصًا فِي أَحَدِهِمَا اعْتُبِرَ بِالْآخَرِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُؤْخَذُ مِقْدَارُهُ مِنَ الشَّجَّةِ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ بِالْحَزْرِ فَيُنْظَرُ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنَ الْمُوضِحَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>