للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ أَوْصَى إِلَى عَبْدِهِ وَفِي الْوَرَثَةِ كِبَارٌ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا جَازَتْ (سم) ، وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ دُونَ صَاحِبِهِ (س) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

عَزْلُهُ ; لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوصِي الْقِيَامُ بِأُمُورِهِ وَمَا أَوْصَى إِلَيْهِ بِهِ، فَإِذَا حَصَلَ فَتَغْيِيرُهُ إِبْطَالٌ لِقَصْدِهِ فَلَا يَجُوزُ. وَأَمِينٌ عَاجِزٌ، فَالْقَاضِي يَضُمُّ إِلَيْهِ مَنْ يُعِينُهُ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِلَيْهِ صَحِيحَةٌ لَا يَجُوزُ إِبْطَالُهَا، إِلَّا أَنَّ فِي انْفِرَادِهِ نَوْعُ خَلَلٍ بِبَعْضِ الْمَقْصُودِ لِعَجْزِهِ فَيُضَمُّ إِلَيْهِ آخَرُ تَكْمِيلًا لِلْمَقْصُودِ. وَفَاسِقٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ، فَيَجِبُ عَزْلُهُ وَإِقَامَةُ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَابَتُهُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إِنَّمَا أَوْصَى إِلَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رَأْيِهِ وَأَمَانَتِهِ وَكِفَايَتِهِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا كَذَلِكَ.

أَمَّا الْفَاسِقُ فَلِاتِّهَامِهِ بِالْخِيَانَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلِلْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ الْبَاعِثَةِ لَهُ عَلَى تَرْكِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلِتَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ عَلَى إِجَازَةِ مَوْلَاهُ وَتَمَكُّنِهِ مَنْ حَجْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُخْرِجُهُمُ الْقَاضِي وَيُقِيمُ مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِ الْمَيِّتِ ; لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَصَّبَ نَاظِرًا لِلْمُسْلِمِينَ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوصَ إِلَى أَحَدٍ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُقِيمَ وَصِيًّا كَذَا هَذَا.

قَالَ: (وَإِنْ أَوْصَى إِلَى عَبْدِهِ وَفِي الْوَرَثَةِ كِبَارٌ لَمْ تَصِحَّ) لِأَنَّ لِلْكَبِيرِ بَيْعَهُ أَوْ بَيْعَ نَصِيبِهِ فَيَعْجِزُ عَنِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْنَعُهُ فَلَا تَحْصُلُ فَائِدَةُ الْوَصِيَّةِ.

(وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا جَازَتْ) وَقَالَا: لَا تَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الرِّقَّ يُنَافِي الْوِلَايَةَ، وَفِيهِ إِثْبَاتُ وِلَايَةِ الْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ، وَهُوَ قَلْبُ الْمَشْرُوعِ وَعَكْسُ الْمَوْضُوعِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ مُخَاطَبٌ مُسْتَبِدٌّ بِالتَّصَرُّفِ فَيَكُونُ أَهْلًا لِلْوَصِيَّةِ، وَلَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ بَيْعَهُ وَإِنْ كَانُوا مُلَّاكًا، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ وَلَا مُنَافَاةَ وَصَارَ كَالْمُكَاتَبِ.

وَإِنْ أَوْصَى إِلَى صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ فَلَمْ يُخْرِجْهُمُ الْقَاضِي حَتَّى بَلَغَ أَوْ أُعْتِقَ أَوْ أَسَلَمَ، فَالْوَصِيَّةُ مَاضِيَةٌ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ مِنَ الْعَزْلِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ أَمِينٍ لِمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ أَوْصَى إِلَى مُكَاتَبِهِ جَازَ لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى إِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ أَدَّى عُتِقَ وَهُوَ عَلَى وَصِيَّتِهِ، وَإِنْ عَجَزَ رُدَّ فِي الرِّقِّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَبْدِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

قَالَ: (وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ دُونَ صَاحِبِهِ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ خِلَافَةٌ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا ثَبَتَ لِلْخَلِيفَةِ مِثْلُ مَا كَانَ لِلْمُسْتَخْلَفِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْمُوصِيَ مَا رَضِيَ إِلَّا بِرَأْيِهِمَا، وَهَذَا لِأَنَّ الْوِلَايَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِتَفْوِيضِهِ فَيُرَاعَى وَصْفُهُ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ، وَفِي اجْتِمَاعِ رَأْيِهِمَا

مَصْلَحَةٌ

فَيَتَقَيَّدُ بِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُفِيدٌ، بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّاتٌ، وَالضَّرُورِيَّاتُ مُسْتَثْنَاةٌ وَهِيَ تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ وَمَئُونَةُ الصِّغَارِ مِنْ طَعَامِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ وَالْخُصُومَةِ وَرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ بِعَيْنِهَا، أَمَّا تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ فَسَادَهُ حَتَّى كَانَ لِلْجَارِ فِعْلُهُ، وَكَذَا مَئُونَةُ الصِّغَارِ لِأَنَّهُ يَخَافُ عَلَيْهِمْ جُوعًا وَعُرْيًا، وَالْخُصُومَةُ لَا يُمْكِنُ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهَا وَبَاقِي الصُّوَرِ الِاجْتِمَاعُ وَالِانْفِرَادُ فِيهِ سَوَاءٌ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى الرَّأْيِ، وَكَذَا رَدُّ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>