للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تُقَامُ إِلَّا فِي الْمِصْرِ (ف) أَوْ مُصَلَّاهُ، وَالْمِصْرُ مَا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُهُ فِي أَكْبَرِ مَسَاجِدِهِ لَمْ يَسَعْهُمْ. وَلَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ (ف) وَوَقْتُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ، وَلَا تَجُوزُ إِلَّا بِالْخُطْبَةِ يَخْطُبُ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ خَفِيفَةٍ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

إِلَّا امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَمْلُوكًا» . وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَرْبَعَةٌ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ: الْعَبْدُ، وَالْمَرِيضُ، وَالْمُسَافِرُ، وَالْمَرْأَةُ» وَلِأَنَّ الْعَبِيدَ مَشْغُولُونَ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى، وَالْمَرْأَةَ بِخِدْمَةِ زَوْجِهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا الْعُذْرَ فِي تَرْكِ خُرُوجِهَا إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَلِلْعَجْزِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَعْمَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَقَالَا: تَجِبُ إِذَا وَجَدَ قَائِدًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَادِرًا عَلَى السَّعْيِ فَصَارَ كَالضَّالِّ وَلَهُ أَنَّهُ عَاجِزٌ بِنَفْسِهِ كَالْمَرِيضِ فَلَا يَصِيرُ قَادِرًا بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْقَائِدَ قَدْ يَتْرُكُهُ فِي الطَّرِيقِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ الْمُقِيمِينَ بِالْأَمْصَارِ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا أَضْحَى إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» .

قَالَ: (وَلَا تُقَامُ إِلَّا فِي الْمِصْرِ) لِمَا رَوَيْنَا. (أَوْ مُصَلَّاهُ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ.

(وَالْمِصْرُ مَا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُهُ فِي أَكْبَرِ مَسَاجِدِهِ لَمْ يَسَعْهُمْ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ: هَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ ; وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَعِيشَ كُلُّ صَانِعٍ بِحِرْفَتِهِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: مَا أُقِيمَتْ فِيهِ الْحُدُودُ، وَنُفِّذَتْ فِيهِ الْأَحْكَامُ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ: وَيُوجَدُ فِيهِ جَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي مَعَايِشِهِمْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: كُلُّ مَوْضِعٍ مَصَّرَهُ الْإِمَامُ فَهُوَ مِصْرٌ، فَلَوْ بَعَثَ إِلَى قَرْيَةٍ نَائِبًا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ صَارَ مِصْرًا، فَلَوْ عَزَلَهُ وَدَعَاهُ الْتَحَقَ بِالْقُرَى.

قَالَ: (وَلَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ) لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَاخْتَارَ كُلُّ جَمَاعَةٍ إِمَامًا فَلَا يَتَّفِقُونَ عَلَى وَاحِدٍ فَتَقَعُ بَيْنَهُمُ الْمُنَازَعَةُ، فَرُبَّمَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَا يُصَلُّونَ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى الْفِتْنَةِ، وَمَعَ وُجُودِ السُّلْطَانِ لَا.

(وَوَقْتُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ: «كَنَّا نُصْلِي الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ» وَلِأَنَّهَا خَلَفٌ عَنِ الظُّهْرِ وَقَدْ سَقَطَتِ الظُّهْرُ فَتَكُونُ فِي وَقْتِهَا.

قَالَ: (وَلَا تَجُوزُ إِلَّا بِالْخُطْبَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وَلَا يَجِبُ السَّعْيُ إِلَّا إِلَى الْوَاجِبِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ بِدُونِهَا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّمَا قُصِرَتِ الصَّلَاةُ لِمَكَانِ الْخُطْبَةِ، وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَهِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، هَكَذَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. (يَخْطُبُ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ) قَائِمًا يَسْتَقْبِلُ الْقَوْمَ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ.

(يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ خَفِيفَةٍ) هُوَ الْمَأْثُورُ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>