للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ختن صبيًا بغير إذن وليه" ... أو من صبي بغير إذن وليه، وأشار إلى اعتبار إذن الحاكم وهو الولي العام بقوله: "وإن فعل ذلك الحاكم ... ". ثم أوجب الضمان في سراية القطع إذا وقع بدون إذنهم كل بحسب ولايته، وعلل إيجاب الضمان بكونه قطعًا غير مأذون فيه فنزّله منزلة القطع المبتدأ على وجه الجناية.

وأسقط ذلك الضمان في حال توفر الإذن وعلل ذلك بكونه قطعًا مأذونًا فيه شرعًا، وهذا يدل دلالة واضحة على اعتبار شرط الإذن بفعل الجراحة لازمًا لكي يحكم بجوازها.

ومما يدل على اعتبار الفقهاء -رحمهم الله- لهذا الشرط ما نصوا عليه من أن الطبيب لا يجوز له أن يجبر المريض إذا استأجره لقلع ضرسه أو سنه الوجعة، ثم امتنع المريض من تمكينه من فعل الجراحة مع وجود الألم، قال الخطيب الشربيني (١) -رحمه الله-: " ... فإن لم تبرأ (٢)، ومنعه من قلعها لم يجبر عليه" (٣) اهـ.

فحكمهم بعدم إجبار المريض على فعل الجراحة مع وجود السبب الموجب لفعلها وهو الألم، فيه دليل واضح على أنه ليس من حق


(١) هو الشيخ شمس الدين محمد بن محمد الشربيني الخطيب، كان فقيهًا، مفسرًا، متكلمًا أجمع أهل مصر على صلاحه ووصفه بالعلم، والعمل والزهد والورع. توفي -رحمه الله- سنة ٩٧٧ من الهجرة، ومن مصنفاته: مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، السراج المنير، الفتح الرباني. شذرات الذهب لابن العماد ٨/ ٣٨٤، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة ٨/ ٢٦٩.
(٢) أي السن الوجعة.
(٣) مغني المحتاج للشربيني ٢/ ٣٢٤، وقد نص على هذا الحكم غيره. انظر: روضة الطالبين للنووي ٢/ ٣١٥، ونهاية المحتاج للرملي ٥/ ٢١٧، وأسنى المطالب للأنصاري ٢/ ٤٠٩، والغرر البهية للأنصاري ٣/ ٣١٨، والمبدع لابن مفلح ٥/ ١٠٣.

<<  <   >  >>