للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرع الثاني: إذا امتنع المريض من الإذن ومات بسبب المرض الجراحي هل يعتبر قاتلاً لنفسه؟

لا يعتبر المريض قاتلاً لنفسه لو امتنع من الإذن بالجراحة، ومات بسبب المرض الجراحي، وذلك لأن الشفاء بالجراحة من ذلك المرض المهلك أمر غير مقطوع به، ومن هنا خالف من ترك الطعام والشراب حتى هلك (١).

وكذلك خالف من امتنع عن أكل الميتة في المخمصة (٢)، لأن الطعام والشراب مقطوع بنفعه في دفع المخمصة بإذن الله تعالى، بخلاف الجراحة فإنها محتملة ونفعها مبني على الغالب في بعض أحوالها ... والله تعالى أعلم.

* * *


(١) قال الإمام ابن عابدين الحنفي- رحمه الله-: " .. فإن ترك الأكل والشرب حتى هلك فقد عصى، لأن فيه إلقاء النفس إلى التهلكة، وأنه منهي عنه في محكم التنزيل، بخلاف من امتنع عن التداوي حتى مات إذ لا يتيقن بأنه يشفيه"اهـ. حاشية ابن عابدين ٥/ ٢٩٦، ومثله في الفتاوى الهندية ٥/ ٢٥٥.
(٢) ذهب بعض أهل العلم -رحمهم الله- إلى أن المضطر إذا لم يأكل ويشرب ما يقيم به نفسه ولو كان ميتة أو ماء نجساً فإنه يعتبر قاتلاً لنفسه، ويدخل النار بسبب ذلك، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-. انظر مجموع الفتاوى ٢١/ ٨٠، وأحكام القرآن للهراس ١/ ٧٤. واكتفى الإمام ابن قدامة- رحمه الله- باعتباره ملقيًا بنفسه إلى التهلكة. المغني والشرح الكبير ٣/ ٥٠٤.

<<  <   >  >>