للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الصورة الأولى: أن يكونوا جاهلين بالمهمة، وينتفي فيهم قصد الضرر، ولا يعلم المريض بجهلهم:]

وهذه الصورة تشمل الجهل الكلي، والجزئي بالمهمة، فمثال الأول أن يكون الطبيب الجراح جاهلاً بجميع معلومات الجراحة، وكيفية تطبيقها، وهكذا بالنسبة للمخدر، والمصور بالأشعة، والمناظير وغيرهم.

ومثال الثاني أن يكون الطبيب الجراح عالمًا بجزء من المهمة، أو بالمعلومات كلها، ولكن يجهل الطريقة التي يتم بها تطبيق تلك المعلومات.

وهذه الصورة الأصل في إيجاب ضمان الضرر الناشيء عن فعل الأطباء والمساعدين فيها ما ثبت في السنة عنه عليه الصلاة والسلام من قوله: "مَن تَطَبَّبَ ولم يُعلَم منه الطبُّ قبل ذلك فهو ضامن"، حيث دل ظاهر هذا الحديث على أن الطبيب الجاهل ملزم بضمان ما نتج عن طبه، وقوله عليه الصلاة والسلام: "من تطبب" عام يشمل طب الأدوية، والجراحة.

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث: "والطبيب -في هذا الحديث- يتناول من يطبه بوصفه، وقوله، وهو الذي يخص باسم الطبائعي، وبمروده، وهو الكحال، وبمبضعه ومراهمه وهو الجرائحي، وبموساة وهو الخاتن، وبريشته وهو الفاصد، وبمحاجمه ومشرطه وهو الحجام، وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر، وبمكواته وناره وهو الكواء، وبقربته وهو الحاقن ... فاسم الطبيب يطلق لغة على هؤلاء كلهم، كما تقدم، وتخصيص الناس له ببعض أنواع الأطباء عرف حادث" (١) اهـ.


(١) الطب النبوي لابن القيم ص ١١٢.

<<  <   >  >>