كتاب أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها

المبحث الأول في (أركان المسئولية وأقسامها ومشروعيتها) - المطلب الرابع في (موقف الشريعة من جناية الطبيب) - ص: 451

[المطلب الرابع في (موقف الشريعة من جناية الطبيب)]

لجسد المسلم وروحه حرمة عظيمة عند الله تبارك وتعالى (١)، دلت نصوص الكتاب العزيز، وأحاديث النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - عليها، وحذرت العباد من الاستخفاف بها، وتوعدت من سعى في هلاك الأرواح وتلك الأجساد بغير حق بشديد العذاب وأليمه (٢).

لذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقدم على العبث بأجساد الناس، وتغيير خلقتهم السوية التي أوجدهم الله تعالى عليها وامتن بها عليهم، فقال سبحانه:

{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ

---

(١) يلحق بالمسلم الكافر الذمي والمستأمن، لأن لهم حقًا على المسلمين بالذمة والأمان، فلهم ما للمسلم، وعليهم ما على المسلم.
(٢) يشهد لذلك ما ورد من الآيات والأحاديث الكثيرة في النهي عن قتل النفس بغير حق، ومنها قوله سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١)} سورة الأنعام (٦) آية ١٥١، وقوله سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)} النساء (٤) آية ٢٩، ٣٥. وقو له سبحانه: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} سورة البقرة (٢) آية ١٩٥. والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكذلك الأحاديث، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس .... " متفق عليه. صحيح البخاري ٤/ ١٨٨، صحيح مسلم ٢/ ٩٨ وقوله عليه الصلاة والسلام: "من حمل علينا السلاح فليس منا" متفق عليه. صحيح البخاري ٤/ ١٨٧، صحيح مسلم ١/ ٤٤، وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" رواه البخاري في صحيحه ٤/ ٢٢٤، ومسلم ١/ ٣٧.