وبيان هذه المشروعية يستلزم الحديث عن الحاجة الداعية إلى التخدير الجراحي، ثم بيان اعتبار الشريعة الإسلامية لها، ونصوص أهل العلم -رحمهم الله- التي تدل على جواز تخدير المريض عند وجود تلك الحاجة الداعية إلى ذلك.
وبيان جميع ذلك يتضح في المقصدين التاليين:
[المقصد الأول: في الحاجة إلى التخدير]
يحتاج الطبيب الجراح أثناء قيامه بمهمة الجراحة الطبية إلى سكون المريض وعدم حركته، وذلك لكي يستطيع القيام بأداء مهمته الجراحية على الوجه المطلوب، فحركة المريض وانزعاجه وعدم استقراره أثناء مهمة الجراحة يعتبر عائقًا كبيرًا يحول دون أدائها والقيام بها على وجهها المطلوب، فإن الطبيب الجراح مهما تغاضى عن تصرفات المريض وآلامه فإنه سرعان ما يتعاطف معها إذا بلغت ذروتها، ولو فرضنا أنه لم يبال بشيء من ذلك فإن المريض لن يستقر ولن يثبت بسبب ما يحسه ويجده من الآلام، الأمر الذي يدعوه إلى الحركة الدائمة والمقاومة المستمرة التي لا يستطيع معها الطبيب الجراح الاستمرار في أداء مهمته، وقد تطيش يده التي تحمل الأدوات الجراحية فتقطع عرقًا أو عضوًا لا سمح الله، فينشأ عن ذلك خطر أكبر من المرض الذي تدخل من أجل علاجه، لذلك لابد من وجود التخدير الذي يجعل المريض في حالته