وتستثنى من الحكم بمسئوليته في الموضع الأول الحالات الاضطرارية التي توجب إسعاف المريض بالجراحة فورًا، والتي يغلب فيها على الظن هلاك المريض إذا تأخر إسعافه بالجراحة مدة الفحص فإنه يجوز للطبيب الجراح أن يقدم فيها على فعل الجراحة، وتسقط المسئولية عنه نظرًا لوجود الموجب لإعفائه من واجب الفحص، ولأنه انتفى فيه موجب المسئولية إذ لم يكن إقدامه على فعل الجراحة في هذه الحالات مشتملاً على تقصير أو إهمال، بل هو مبني على هدف المحافظة على النفس الذي هو من الضروريات المهمة في الدين.
فهذه هي مجمل مسئولية الطبيب الجراح في هذه المرحلة.
أما الطبيب الفاحص ومساعدوه فإنهم يتحملون المسئولية في هذه المرحلة بالصورة التي سبق بيانها وتفصيلها في مرحلة الفحص الطبي الأول ... والله تعالى أعلم.
خامسًا المسئولية عن التخدير:
تتعلق المسئولية في هذه المرحلة بالطبيب الجراح، وأخصائي التخدير.
أما الطبيب الجراح فإنه يتحمل المسئولية عن أهلية الشخص المخدر، لأنه لا يجوز له أن يعهد بمهمة التخدير إلى أي شخص لا تتوفر فيه الأهلية المعتبرة للقيام بمهمة التخدير على ما جرت عليه الأعراف الطبية (١).
(١) السلوك المهني للأطباء. د. التكريتى ٢٥٤، سلوكيات وآداب وقوانين مزاولة مهنة الطب مصطفى عبد اللطيف، هاني أحمد جمال الدين ٢٠. ونظرًا لجريان العرف والعادة عند الأطباء بذلك فإنها تعتبر من الناحية الشرعية ملزمة، ويؤاخذ الطبيب على الإخلال بها للقاعدة الشرعية التي تقول "العادة محكمة". الأشباه والنظائر للسيوطي ٨٩، الأشباه والنظائر لابن نجيم ٩٣.