للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الأوجه الثلاثة من القياس اشتمل الأصل فيها على التصرف في جثة الميت بالشق، والقطع، طلبًا لمصلحة الحي المتمثلة في إنقاذه من الموت كما في الوجه الأول، والثاني، وهي مصلحة ضرورية، كما اشتمل الوجه الثالث منها على مصلحة حاجية وهي رد المال المغصوب إلى صاحبه.

وكلتا هاتين المصلحتين موجودتان في حال تعلم الجراحة الطبية، إذ يقصد منها تارة إنقاذ حياة المريض وهي المصلحة الضرورية، كما يقصد منها تارة أخرى إنقاذ المريض من آلام الأمراض والأسقام المضنية وهي المصلحة الحاجية، وأما إهانة الميت بتشريح جثته فقد رخص فيها أصحاب هذا القول بناء على القياس أيضًا، حيث استندوا على ما قرره بعض الفقهاء المتقدمين -رحمهم الله- من جواز نبش قبر الميت، وأخذ كفنه المسروق أو المغصوب (١)، فقاسوا إهانته بالتشريح على إهانته بنبش كفنه، وكشف عورته بجامع تحصيل مصلحة الحي المحتاج إليها (٢).

ب- دليلهم من قواعد الشريعة:

(١) قالوا: "إن من قواعد الشريعة الكلية، ومقاصدها العامة أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديًا لأشدهما" (٣).


(١) روضة الطالبين للنووي ٢/ ١٤٠، والمجموع للنووي ٥/ ٢٩٩، ٣٠٠، ومغني المحتاج للشربيني ١/ ٢٦٧، والدر المختار للحصكفي ١/ ٣٨٢، بهامش حاشية الطحطحاوي، أشار إلى هذه المصادر واحتج بمضمونها الدكتور محمود علي السرطاوي في بحثه "حكم التشريح" منشور بمجلة دراسات مجلد ١٢ عدد ٣ الصفحة ١٤٤ هامش ١٤.
(٢) المصدر السابق.
(٣) تشريح جثة المسلم. من بحوث اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، مجلة البحوث =

<<  <   >  >>