للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه ذلك: أن الأصل المقيس عليه فيه مساس بالجسد بخلاف الفرع، وجاز فعل النبش لمكان الحق المغصوب، فكان الميت متسببًا في أذية نفسه بخلاف الفرع الذي لا علاقة للميت بمصلحته ولم يتسبب فيما يوجبها بأي وجه من الوجوه، ثم إن نبش قبره لذلك الغرض لا يستغرق إلا زمنًا يسيرًا ثم يعاد إلى القبر الذي سيواري الجثة بدلاً عن الكفن، بخلاف التشريح الذي يستغرق الساعات، بل والأيام العديدة!!!.

خامسًا: أن تشريح جثة المسلم يعطل عن فعل كثير من الفروض المتعلقة بها بعد الوفاة، من تغسيلها وتكفينها، والصلاة عليها، ودفنها.

وهو مخالف لما ثبتت به السنة من الأمر بالمبادرة بالجنائز والإسراع بها، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أسرعوا بالجنازة ... " (١)، فلا يجوز تعطيل جثة المسلم وتأخير هذه المصالح المطلوب فعلها بعد الوفاة مباشرة لمصلحة لا تتعلق بالميت، ولم يتسبب في موجبها، وإنما هي من مصالح الغير المنفكة عنه.

لهذا كله فإنه يترجح في نظري القول بجواز تشريح جثة الكافر دون المسلم، ولكن ينبغي أن يتقيد الأطباء وغيرهم ممن يقوم بمهمة التشريح بالحاجة، فمتى زالت، فإنه لا يجوز التمثيل بالكافر بتشريحه حينئذ، لأن ما جاز لعذر بطل بزواله (٢). والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري في صحيحه ١/ ٢٢٨، ومسلم ٢/ ٣٧٣.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي ٨٥، والأشباه والنظائر لابن نجيم ٨٦.

<<  <   >  >>