للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من التشخيص الذي بلغ أعلى مراتب العلم وهي مرتبة اليقين.

وأما الحالة الثانية: فإنه ينبغي على الطبيب أن يعتمد الاحتمال الراجح الذي يشتمل على وجود المرض الجراحي، ولا يلتفت إلى الاحتمال المرجوح المشتمل على انتفاء وجوده.

وهذا مبني على ما تقرر في الشريعة الإسلامية من اعتمادها على الظنون الراجحة وعدم التفاتها إلى ما يقابلها من الظنون المرجوحة في تحقيق المصالح، ودرء المفاسد.

قال الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله-: "الاعتماد في جلب معظم مصالح الدارين، ودرء مفاسدهما على ما يظهر في الظنون .. " إلى أن قال: " .. فلا يجوز تعطيل هذه المصالح الغالبة الوقوع خوفًا من ندور وكذب الظنون .. " (١) اهـ.

فبين أن الاعتماد إنما يكون على الظن الغالب، وأن ما يقابله من الظن المرجوح لا يلتفت إليه، وبهذا يتقرر أصل هذه الحالة من أحوال تشخيص المرض الجراحي فيقال: إن المنبغي على الطبيب اعتماد الظن الراجح وعدم الالتفات إلى ضده ومن ثم فإنه لا حرج في الإقدام على فعل الجراحة والإذن بها من قبل المريض اعتمادًا على هذا التشخيص المبني على هذا النوع من الظنون القوية.


(١) قواعد الأحكام لابن عبد السلام ١/ ٤.

<<  <   >  >>