للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهذا فإنه يستحب للمريض إذا طلب منه الإذن بالجراحة أن يأذن ويتداوى بها.

وإذا ثبت أن الأصل في الإذن بالجراحة من قبل المريض أنه مستحب ومندوب إليه فإنه يرد السؤال عن حكم مسألة مهمة يواجهها المرضى والأطباء في كثير من الأمراض الجراحية الخطيرة، والتي يكون المريض فيها مهددًا بالموت أو تلف عضو من أعضائه إذا لم يتم إسعافه بالجراحة اللازمة.

هل امتناع المريض من الإذن بالجراحة في هذه الحالة جائز له، أم لا بحيث يعتبر آثمًا لو امتنع؟.

وبعبارة أخرى هل يجب عليه الإذن بفعل الجراحة في هذه الحالات الضرورية أم لا؟.

وإذا قلنا بوجوب الإذن عليه وامتنع من الإذن، ومات متأثراً بذلك المرض الجراحي هل يعتبر في حكم القاتل لنفسه أم لا؟.

وبيان حكم المسألتين يتضح في الفرعين التاليين:


= عنهما- في قصة المرأة السوداء المجنونة التي اشتكت إلى النب - صلى الله عليه وسلم - ما بها فقال لها: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك؟ فقالت: أصبر" رواه البخاري في صحيحه ٤/ ٣. فخيرها بين الصبر والشفاء فاختارت الصبر ولم ينكر عليها وكذلك ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- في صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب ومنها: "لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون". رواه البخاري في صحيحه ٤/ ١١، ١٢، فاعتبر توكلهم على الله وتركهم التداوي بالكي والرقية ممدوحًا ورتب عليه الثواب، ولو كان التداوي واجبًا لكانوا مستحقين لخلاف ذلك. انظر فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٢١٢. وقد نص بعض الفقهاء -رحمهم الله- على استحباب التداوي وحمل الأمر في هذا الحديث على الندب ومنهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري -رحمه الله-. انظر أسنى المطالب للأنصاري ١/ ٢٩٥.=

<<  <   >  >>