للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القول يتفق مع ما دلت عليه النصوص الشرعية في الكتاب والسنة فقد قال سبحانه ناهياً عباده: {وَلا تُلْقُوا بِأيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١)، ولاشك في أن المريض إذا امتنع من الإذن كان ملقيًا بنفسه، وبعضوه إلى الهلاك والتلف لأن الأطباء المختصين قد أعلموه بالعاقبة التي ينتهي إليها بسبب ذلك المرض الجراحي الخطير.

فامتناعه من الإذن بها يعتبر مانعًا من إنقاذه، وسببًا يوجب هلاكه وتلفه فحرم عليه فعله من هذا الوجه.

وقد أكدت السنة النبوية هذا المعنى، ففي الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الطاعون: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه" (٢) فنهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن دخول الأرض التي بها الطاعون، وفي هذا دليل على أنه ينبغي على المسلم أن يتعاطى الأسباب الموجبة لنجاته من الهلاك بإذن الله تعالى، وأن يبتعد عن ضدها (٣).

ومعلوم أن الإذن بالجراحة في هذه الحالة يعتبر من أهم الأسباب الموصلة بإذن الله تعالى لنجاة المريض -في الغالب- من الهلاك والتلف.

وامتناعه من الإذن بها يعتبر أيضًا من أهم الأسباب المعينة على


(١) سورة البقرة (٢) آية ١٩٥، واستشهد بهذه الآية الشيخ جاد الحق علي جاد الحق على وجوب الإذن بالجراحة إذا شهد الأطباء المختصون بلزومها. انظر الفتاوى المصرية ١٠/ ٣٤٩٩.
(٢) رواه البخاري في صحيحه ٤/ ١٥، ومسلم ٤/ ٢٧.
(٣) قال الإمام النووي- رحمه الله- في شرح هذا الحديث: " ... في هذا الحديث الاحتراز عن المكاره، وأسبابها .. " اهـ. شرح صحيح مسلم للنووي ١٤/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>