للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال صاحب تبصرة الحكام -رحمه الله-: "إذا كان شارب الخمر أو النبيذ حرًا مسلمًا مكلفًا وشربه مختارًا من غير ضرورة ولا عذر فإنه يجلد ثمانين ... ثم قال بعد ذلك: والظاهر جواز ما سقي من المرقد لأجل قطع عضو ونحوه، لأن ضرر المرقد مأمون، وضرر العضو غير مأمون" (١) اهـ.

فبين -رحمه الله- أن الحالات الضرورية، والحاجية التي وجد فيها العذر لشرب الخمر تعتبر مستثناة من الحكم بحرمة شربها.

ثم نص على استثناء حالات الجراحة المشتملة على قطع الأعضاء من الحكم بالتحريم فأجاز شرب المرقد (المخدر) لها، وبين علة ذلك الجواز، وهي أن ضرر المخدرات مأمون، وضرر العضو غير مأمون، ووجه ذلك أن شرب اليسير من المخدر لا يبلغ ضرره مبلغ ضرر العضو في حال بقائه، فالأول مأمون السريان (أي القدر المستعمل للتخدير) والثاني غير مأمون السريان.

وقال الإمام أبو زكريا يحيى النووي الشافعي -رحمه الله-: "ولو احتيج في قطع اليد المتآكلة إلى زوال عقله هل يجوز ذلك؟ يخرج على الخلاف في التداوي بالخمر. قلت: الأصح الجواز .. " (٢) اهـ.

فبين -رحمه الله- أنه يجوز للإنسان تعاطي المزيل للعقل لحاجة قطع اليد المتآكلة، وجزم بكونه أصح الوجهين في المذهب.

وقال الإمام علاء الدين علي بن سليمان المرداوي الحنبلي (٣)


(١) تبصرة الحكام لابن فرحون ٢/ ١٦٩، ١٧٠.
(٢) روضة الطالبين للنووي ١٠/ ١٧١، ومثله في إعانة الطالبين للبكري ٤/ ١٥٦، والإنقاع للشربيني ٢/ ٨٨.
(٣) هو الإمام علي بن سليمان بن أحمد بن محمد السعري الصالحي الحنبلي، ولد =

<<  <   >  >>