للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يتبين اعتبارهم لعجز الأعضاء عن خدمة الروح والانفعال لها دليلاً على مفارقة الروح للجسد.

قالوا: وهذا موجود في موت الدماغ، فإن الأعضاء لا تستجيب لتصرفات الروح والحركة الموجودة في بعض الأحيان إنما هي حركة اضطرارية لا علاقة لها بالروح وليست ناشئة عنها.

ثانيًا: أن الفقهاء -رحمهم الله- حكموا بموت الشخص في مسائل الجنايات التفاتًا إلى نفاذ المقاتل، ولم يوجبوا القصاص على من جنى عليه في تلك الحالة مع وجود الحركة الاضطرارية، فدل هذا على عدم اعتبارهم لها، وإن الحكم بالموت ليس مقيدًا بانتفائها واستشهدوا لإثبات ذلك بنصوص منها:

قول الإمام بدر الدين الزركشي -رحمه الله- (١): "الحياة المستقرة هي أن تكون الروح في الجسد، ومعها الحركة الاختيارية، دون الاضطرارية، كما لو كان إنسان وأخرج الجاني، أو حيوان مفترس حشوته وأبانها، لا يجب القصاص في هذه الحالة ... " (٢) اهـ.

الترجيح:

الذي يترجح في نظري والعلم عند الله هو القول بعدم اعتبار الإنسان ميتًا بمجرد موت دماغه وتلفه وذلك لما يأتي:


(١) هو الإمام بدر الدين أبو عبد الله محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي الشافعي ولد -رحمه الله- بمصر سنة ٧٤٥ هـ، فقيه، أصولي، محدث، أديب، توفي -رحمه الله- بمصر سنة ٧٩٤ هـ، وله مصنفات منها: البحر في أصول الفقه، وشرح التنبيه للشيرازي، شرح جمع الجوامع للسبكي. معجم المؤلفين لعمر كحالة ٩/ ١٢١، ١٢٢.
(٢) المنثور في القواعد للزركشي ٢/ ١٠٥ وما بعدها، نقلاً عن نهاية الحياة الإنسانية، د. محمد نعيم ياسين من بحوث ندوة الحياة الإنسانية، ثبت الندوة ٤١٢.

<<  <   >  >>