للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، فإذا تعاطى علم الطب، وعمله، ولم يتقدم له به معرفة، فقد هجم بجهله على إتلاف النفوس، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه، فيكون قد غرر (١) بالعليل، فيلزمه الضمان لذلك، وهذا إجماع من أهل العلم" (٢) اهـ.

فقد بين -رحمه الله- إجماع أهل العلم -رحمهم الله- على تضمين الطبيب الجاهل وهذا يتعلق بالنوع الأول الذي سبقت الإشارة إليه.

أما النوع الثاني وهو الطبيب المتعدي فقد أشار إلى اعتبار مسئوليته وتضمينه بما نقله عن الإمام الخطابي (٣) -رحمه الله- بقوله: "قال الخطابى: لا أعلم خلافًا في أن المعالج إذا تعدى، فتلف المريض كان ضامنًا" (٤) اهـ.

وكما دل دليل النقل على اعتبار المسئولية الطبية وثبوتها شرعًا في حال الجهل، والتعدي، كذلك دل دليل العقل على مشروعيتها وذلك من الوجوه التالية:

الوجه الأول القياس:

أ- يضمن الطبيب الجاهل ما أتلفته يداه، كما يضمن الجاني


(١) غرر: أي خاطر, والغرر الخطر. المصباح المنير للفيومي ٢/ ٤٤٥.
(٢) الطب النبوي لابن القيم ص ١٠٩.
(٣) هو الإمام أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي البستي ينتهي نسبه إلى زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-, ولد -رحمه الله- ببُسْتَ سنة ٣١٩ من الهجرة نبغ -رحمه الله - في الحديث، والفقه، واللغة, والأدب, توفي -رحمه الله- ببُسْتَ سنة ٣٨٨ من الهجرة، وله مصنفات منها: معالم السنن في شرح سنن أبي داود، وغريب الحديث، أعلام الحديث. معجم المؤلفين عمر كحالة ٢/ ٦١.
(٤) الطب النبوي لابن القيم ص ١٠٩، وممن حكى الإجماع عن تضمين الطبيب الجاهل، ابن رشد الحفيد -رحمه الله- في بداية المجتهد ٢/ ٤١٨.

<<  <   >  >>