للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا وجد ذلك العذر الذي يعتبر شرعًا مجيزًا للتخلف عن أداء هذه الالتزامات في المواعيد المحددة جاز تأخيرها بحسب الحاجة دون زيادة عليها أو نقص للقاعدة الشرعية "ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها" (١).

ومن أمثلة ذلك ما يجرى في بعض الأحيان من مواعدة المرضى لإجراء الفحص أو العلاج اللازم ثم يشاء الله فتطرأ حالة اضطرارية تحتاج إلى إسعاف عاجل لإنقاذ مريض خشي موته، أو تلف عضو من أعضائه، أو حصول مضاعفات خطيرة تضره مستقبلاً.

وانقاذ هذه الحالة يستدعي إرجاء المواعيد السابقة التي وضعت لفحص أو علاج المريض الأول.

ففي هذه الحالة ينبغي على الأطباء ومساعديهم أن يقوموا بالموازنة بين الضررين، والنظر في العواقب والمفاسد المترتبة على تأخير كل منهما.

فإذا كانت المفاسد المترتبة على تأخير الحالة الطارئة أعظم قدم إنقاذها على الحالة السابقة (٢) للقاعدة الشرعية "إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما" (٣)، ولكن ينبغي أن يقيد


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٨٤، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٨٦.
(٢) يختص الحكم بتقديم الحالة الطارئة على الحالة السابقة بهذه الحالة وهي أن يكون الضرر المترتب على تأخيرها أعظم من الضرر المترتب على تأخير الحالة السابقة، أما لو كان الحال بالعكس فإنه ينبغي على الطبيب البقاء على موعده، وهكذا لو تساوى الضرران لأنهما إذا تساويا في الضرر كان للحالة السابقة حق زائد وهو الموعد المسبق فوجب تقديمها لاشتمال ذلك التقديم على أمرين إحداهما: دفع الضرر المذكور. والثاني: الوفاء بالوعد. وأما الحالة الطارئة فليس لها إلا حق دفع الضرر الذي لا يقوى على معارضة الأمرين مضار.
(٣) الأشباه والنظائر للسيوطي ٨٧، والأشباه والنظائر لابن نجيم ٨٩.

<<  <   >  >>