الذي يترجح في نظري والعلم عند الله هو القول بتضمين الجراح إذا أقدم على فعل الجراحة بغير إذن المريض وذلك لما يأتي:
أولاً: لصحة ما ذكره أصحاب هذا القول.
ثانيًا: أما استدلال القائلين بعدم تضمينه فيجاب عليه بما يلي:
أ- دليلهم من الكتاب:
أما الآية الأولى:
فيجاب عنها: بأنه ليس من البر أن يقدم الطبيب على إيلام المريض وأذيته بالجراحة بدون رضا منه، وبذلك ينتفي وصف الجراحة بكونها من البر على هذا الوجه، بل هي متضمنة للاعتداء والأذية ما دام أن المريض غير راض بفعلها.
ثم لو قلنا بجواز فعل الأطباء للجراحة بدون إذن المرضى بناء على أنهم قاصدون للبر، للزم منه أن يقال بجواز أخذ التجار "الذين يحسنون صنعة التجارة" لأموال الناس ولو بغير رضاهم ليتاجروا بها، وينفعوهم بتلك المتاجرة، وإذا خسروا لا ضمان عليهم إذ لم يتعدوا، وهذا لم يقل به أحد، فإذا انتفى اعتبار ذلك في الأموال فمن باب أولى أن ينتفي اعتباره في الأبدان التي هي أعظم حرمة عند الله تعالى وتلفها لا يمكن تعويضه بخلاف المال.
وأما الآية الثانية: فإنه يجاب عنها بأن الطبيب لا يعتبر محسنًا في حال إقدامه على جرح الغير وأذيته بفعل الجراحة من غير إذنه ورضاه، بل هو مسيء إلى ذلك الغير بإيلامه والتسبب في جرحه بدون إذنه.