وإضافة إلى ما سبق فإن إظهار فضل علماء الطب المسلمين في هذا الجانب أو غيره إنما هو في الحقيقة إظهار لفضل الإسلام نفسه وفيه دعوة للتمسك به، والالتزام الكامل لمبادئه وآدابه وشرائعه، لأن السلف -رحمهم الله- إنما نبغوا وفاقوا غيرهم بسبب ذلك.
وقد كان للزهراوي -رحمه الله- إلمام كبير بعلم الجراحة الطبية لم يقف عند معرفته لما سبقه إليه غيره من علماء الطب وحُذَّاقه، بل تعدى ذلك كله إلى درجة الاكتشاف وعمل المهام الجراحية التي لم يسبق إلى عملها من قبل، ثم وصفه لها وصفًا دقيقًا في مؤلفه.
كما ابتكر بعض الآلات الجراحية ورسمها وبين كيفية استعمالها، وتطبيق المعلومات الجراحية بواسطتها، وهذا أسلوب لم يسبقه إليه أحد غيره ممن كتب في العلوم الطبية، أو تحدث عن آلاتها.
فقد كان الأطباء من قبله يعتنون بالوصف الكتابي دون الرسم الإيضاحي الذي انتهجه الزهراوي -رحمه الله- في كتابه "التصريف" واعتنى به عناية فائقة، ويعتبر كتابه هذا رائدًا في علم الجراحة الطبية، وقد استفاد منه علماء الطب والجراحون الأوربيون وغيرهم على مدى
= الدموي بواسطة عملية ربط الشرايين، ولكن نسب ذلك إلى الجراح الفرنسي "أمبراوازباري" والذي جاء بعد الزهراوي بما يقارب من ستة قرون!!. دراسات في تاريخ العلوم عند العرب حكمت نجيب عبد الرحمن ص ٥٧. كما كان الزهراوي أول من أوصى بولادة الحوض المسماة في أمراض النساء "وضع والثر" في الولادة، ولكن نسب ذلك إلى الطبيب الأوربي "والثر". أعلام العرب والمسلمين في الطب د. الدفاع ص ٥٣.