للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجراحين من المسلمين في مختلف تخصصات الجراحة الطبية وفروعها.

لذلك فإنه يجب على المسلمين أن ينتدبوا الأكفاء الأخيار الذين هم أهل لحمل هذه المسئولية، والأمانة إلى أن تسد حاجتهم، ولا يجوز لهم البقاء على هذه الحالة التي اتكلوا فيها على الأطباء الكفار.

فتبين من هذا كله فرضية تعلم الطب والجراحة على وجه الكفاية، وأن الشريعة الإسلامية لا تمنع من ذلك. ولا عجب في هذا الحكم من الشريعة، وهذه العناية من فقهائها المتمثلة في ندبهم المسلمين إلى تعلم الطب، وتعليمه، وتطبيقه، فهو العلم الذي جعل الله فيه وفي تطبيقه المصالح والمنافع الجليلة، فمع ما فيه من تفريج لكربات المرضى، وتخفيف لآلامهم فيه المصالح الدينية الأخروية التي تعود بالنفع أول ما تعود على الطبيب نفسه، ومن ذلك أن الإنسان أثناء تعلمه للطب وتطبيقه يرى تلك الدلائل العظيمة من بديع خلق الله في الإنسان، وبديع صنعه في تراكيب تلك الأعضاء الموجودة في داخل جسده، حيث جعل الله جل وعلا كل عضو في مكانه الذي لا يصلح فيه غيره، ويشاهد بأم عينيه تراكيب الأشياء، الدقيقة في صنعها، وحركتها، وسكونها، وما تحاط به من رحمة ولطف إلهي تحار فيه العقول، ولولاه لعاش الإنسان في عناء وشقاء لا يعلمه إلا الله وحده.

فهذه الدلائل الشاهدة بوحدانية الله، الناطقة بعظمته، وقدرته

تزيد المؤمن إيمانًا بربه، ومعرفة بأسمائه وصفاته، وإيقانًا بعظمته

وقدرته وحكمته، وفي ذلك استجابة لدعوة الله في كتابه العزيز حيث

يقول جل ذكره: {وَفِي الأرْضِ ءايَاتٌ لِّلمُوقنينَ * وَفِي أنفُسِكُمْ أفَلا

تُبْصِرُونَ} (١).


(١) سورة الذاريات (٥١) آية ٢٠، ٢١.

<<  <   >  >>