كتاب أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها

المبحث الثاني في (الأدلة الشرعية على جواز الجراحة الطبية) - المطلب الثالث في (دليل مشروعية الجراحة الطبية من الإجماع) - ص: 94

أيضًا فقال:

"وأما الفصد والكي فلا خلاف في جوازهما" (١) اهـ.

ومما يؤكد ما سبق من إجماع السلف الصالح على مشروعية التداوي بالجراحة في عصورهم ما تناقلته المصادر التاريخية من حادثة الإمام التابعي الجليل عروة بن الزبير بن العوام رحمه الله تعالى (٢)، والتي رواها أبو نعيم (٣) رحمه الله بسنده عن الزهري (٤) قال: "وقعت في رجل عروة الأكلة، قال: فصعدت إلى ساقه، فبعث إليه الوليد (٥)

---

= توفي -رحمه الله- بتكرين في طرابلس المغرب سنة ٨٩٩ من الهجرة، وله مؤلفات منها شرح مختصر خليل في فروع الفقه المالكي، اغتنام الفوائد. معجم المؤلفين لكحالة ١/ ١٥٥.
(١) شرح الرسالة لزروق ٢/ ٤٠٩.
(٢) هو الإمام أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي، يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جده قصي بن كلاب، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها وعن أبيها-، وكان عروة أحد فقهاء المدينة السبعة المشهورين، وروى عن خالته عائشة -رضي الله عنها-، ولد -رحمه الله- سنة ٢٢ من الهجرة، وتوفي بالفرع من قرى المدينة سنة ٩٣ من الهجرة وقيل ٩٤. وفيات الاعيان لابن خلكان٢/ ٤١٨ - ٤٢١.
(٣) هو الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى الأصبهاني الشافعي، ولد -رحمه الله- سنة ٣٣٦ من الهجرة وقيل ٣٣٤، وكان محدثًا، مؤرخًا، وتوفي بأصبهان سنة ٤٣٠ من الهجرة، وله مؤلفات منها: حلية الأولياء، ودلائل النبوة، المستخرج على الصحيحين. معجم المؤلفين لكحالة ١/ ٢٨٢، ٢٨٣.
(٤) هو: الإمام أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ولد -رحمه الله- سنة ٥١ من الهجرة. كان إمامًا في الحديث وروايته، وهو شيخ مالك وابن عيينة وغيرهما، كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- إلى الآفاق: "عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه". توفي -رحمه الله- في رمضان سنة ١١٤ من الهجرة، وفيات الأعيان لابن خلكان ٣/ ٣١٧ - ٣١٩.
(٥) هو: الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الخليفة =