للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أبو داود (٦٦٧)، و"الحذف": بالحاء المهملة والذال المعجمة مفتوحتين، وبعدهما فاء: غنم سود صغار بلا أذناب ولا آذان.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رصوا" مأخوذ من الرصّ، فيقال: رصّ الباء يرصّه رصًّا، إذا ألصق بعضه ببعض، ومنه قوله تعالى: {كأنهم بنيان مرصوص}.
ولا تتأتى هذه الصفة إلا بالالتزام بالتوجيهات النبوية، من المحاذاة بالأعناق، والأكتاف، والأقدام: وسدد الخلل، واللين للآخرين، وعدم ترك فرجات في الصف.
وكل هذا فهمه الصحابة رضي الله عنهم من أقواله - صلى الله عليه وسلم -، وننقل هنا عن لعضهم ما يؤيد ذلك فعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري"، وكان أحدنا يُلْزِقُ مَنْكِبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. رواه البخاري (٧٢٥).
قال الحافظ: أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته".
قلت: وفي رواية الإسماعيلي من طريق معمر قال: "ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر، كأنه بغل شموس".
والشموس: هو النَّفُور من الدواب الذي لا يستقر؛ لشغبه وحدَّته.
ولم يتفرد أنس بنقل هذه الصفحة عن الصحابة، ولكن نقلها أيضًا النعمان بن بشير فقال: فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه. رواه أبو داود (٦٦٢) بسند صحيح، وعلقه البخاري (٢/ ٢١١/ فتح).
ولا يفوتني هنا أن أنبه أن هذه الصفة التي نقلها لنا صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعملوا بها قد ظلمت من بعض الناس، وزعموا أن هذه الصفة ليست من السنة!
والجواب على هؤلاء من أبسط ما يمكن: لأن هذه الصفة كان عُمل بها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة رضوان الله عليهم، كما تقدم النقل عن الحافظ ابن حجر.
فإن قال قائل: هذا من فعك الصحابة؟!
قلنا: الجواب على ذلك من وجهين
أما الأول: فقد رأى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقرهم عليه، أليس هو القائل في أول حديث أنس: "أقيموا صفوفكم، وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري". رواه البخاري.
ففي هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رآهم على ذلك، وأقرهم عليه، إذ لو كان خطأً لنهاهم عن =