وأما الثاني: فهو اتفاف الجميع أن الصحابة رضوان الله عليهم أفهم وأعلم بمراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من غيرهم ممن أتى بعدهم، فكيف بمن كان في زماننا هذا؟! أيكون فهمه هو الصواب أم فهمهم رضوان الله عليهم؟! هذا سؤال نترك جوابه للمخالف. هذا وقد ترجم البخاري للباب بقوله: "باب إلزاق المنكب بالمنكب، والقدم بالقدم في الصف". ثم رأيت شيخنا محدث العصر الألباني رحمه الله قد رد على هذا المخالف فقال في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (٦/ ٧٧): "وقد أنكر بعض الكاتبين في العصر الحاضر هذا الإلزاق، وزعم أنه هيئة زائدة على الوارد، فيها إيغال في تطبيق السنة! وزعم أن المراد بالإلزاق الحث على سد الخلل لا حقيقة الإلزاق، وهذا تعطيل للأحكام العملية، يشبه تمامًا تعطيل الصفات الإلهية، بل هذا أسوأ منه؛ لأن الراوي يتحدث عن أمر مشهود رآه بعينه وهو. ومع ذلك قال: ليس المراد حقيقة الإلزاق! فالله المستعان" أهـ. تنبيه: من أجل ذلك كانت دعوتنا لا تعتمد على الكتاب والسنة فقط، كما يلهج غيرنا بذلك باختلاف اتجاهاتهم ومناهجهم، وإنما الكتاب والسنة وعلى فهم السلف الصالح. ولا يظن ظان أنه ليس على هذا القيد: "فهم السلف الصالح" دليل، بل عليه أدلة من كتاب الله عز وجل ومن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. عودٌ على بدء: فالواجب إذن تسوية الصفوف على الصفة التي أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلمها أصحابَه، وعملوا بها، ونقلوها إلينا. ولا تكون هذه الصفة إلا بإلزاق القدم بالقدم، كما تكون بإلصاق المنكب بالمنكب، وبهذه الصفة، نعلم الفرق بين صفوف المسلمين اليوم في الصلاة، وبين الصفوف التي قال عنها النعمان بن بشير: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسوِّي صفوفنا، حتى كأنما يسوِّي بها القِداح. رواه مسلم (٤٣٦) (١٢٨). فوائد تسوية الصفوف: ولتسوية الصفوف فوائد عظيمة وكثيرة، منها: ١ - منع دخول الشياطين بين المصلين. وفي ذلك أحاديث، منها: أ- عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ... سوّوا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا =