الشافعي: الذكاة لا تؤثر في جميع ذلك لأنه لا يؤثر في إباحة اللحم أصلا. وفي طهارته وطهارة الجلد تبعا ولا تبع بدون الأصل وصار كذبح المجوسي. ولنا أن الذكاة مؤثرة في إزالة الرطوبات والدماء السيالة وهي النجسة دون ذات الجلد واللحم، فإذا زالت طهر كما في الدباغ. وهذا الحكم مقصود في الجلد كالتناول في اللحم وفعل المجوسي إماتة في الشرع فلا بد من الدباغ، وكما يطهر لحمه يطهر شحمه، حتى لو وقع في الماء القليل لا يفسده خلافا له. وهل يجوز الانتفاع به في غير الأكل؟ قيل: لا يجوز اعتبارا بالأكل. وقيل يجوز كالزيت إذا خالطه ودك الميتة. والزيت غالب لا يؤكل وينتفع به في غير الأكل.
قال:"ولا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك" وقال مالك وجماعة من أهل العلم بإطلاق جميع ما في البحر. واستثنى بعضهم الخنزير والكلب والإنسان. وعن الشافعي أنه أطلق ذاك كله، والخلاف في الأكل والبيع واحد لهم قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}[المائدة:٩٦] من غير فصل، وقوله عليه الصلاة والسلام في البحر "هو الطهور ماؤه والحل ميتته" ولأنه لا دم في هذه الأشياء إذ الدموي لا يسكن الماء والمحرم هو الدم فأشبه السمك. قلنا: قوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ}[الأعراف:١٥٧] وما سوى السمك خبيث. "ونهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن دواء يتخذ فيه الضفدع"، ونهى عن بيع السرطان والصيد المذكور فيما تلا محمول على الاصطياد وهو مباح فيما لا يحل، والميتة المذكورة فيما روى محمولة على السمك وهو حلال مستثنى من ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام:"أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالسمك والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال".
قال:"ويكره أكل الطافي منه" وقال مالك والشافعي رحمهما الله لا بأس به لإطلاق ما روينا، ولأن ميتة البحر موصوفة بالحل بالحديث. ولنا ما روى جابر رضي الله عنه عن. النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:"ما نضب عنه الماء فكلوا، وما لفظه الماء فكلوا، وما طفا فلا تأكلوا" وعن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا، وميتة البحر ما لفظه البحر ليكون موته مضافا إلى البحر لا ما مات فيه من غير آفة.
قال:"ولا بأس بأكل الجريث والمارماهي وأنواع السمك والجراد بلا ذكاة" وقال مالك: لا يحل الجراد إلا أن يقطع الآخذ رأسه أو يشويه لأنه صيد البر، ولهذا يجب على المحرم بقتله جزاء يليق به فلا يحل إلا بالقتل كما في سائره. والحجة عليه ما روينا. وسئل علي رضي الله عنه عن الجراد يأخذه الرجل من الأرض وفيها الميت وغيره، فقال: