قال:"ولا بأس بقبول هدية العبد التاجر وإجابة دعوته واستعارة دابته. وتكره كسوته الثوب وهديته الدراهم والدنانير" وهذا استحسان. وفي القياس: كل ذلك باطل؛ لأنه تبرع والعبد ليس من أهله. وجه الاستحسان "أنه عليه الصلاة والسلام قبل هدية سلمان رضي الله عنه حين كان عبدا"، " وقبل هدية بريرة رضي الله عنها وكانت مكاتبة""وأجاب رهط من الصحابة رضي الله عنهم دعوة مولى أبي أسيد وكان عبدا"، ولأن في هذه الأشياء ضرورة لا يجد التاجر بدا منها، ومن ملك شيئا يملك ما هو من ضروراته، ولا ضرورة في الكسوة وإهداء الدراهم فبقي على أصل القياس.
قال:"ومن كان في يده لقيط لا أب له فإنه يجوز قبضه الهبة والصدقة له" وأصل هذا أن التصرف على الصغار أنواع ثلاثة: نوع هو من باب الولاية لا يملكه إلا من هو ولي كالإنكاح والشراء والبيع لأموال القنية؛ لأن الولي هو الذي قام مقامه بإنابة الشرع، ونوع آخر ما كان من ضرورة حال الصغار وهو شراء ما لا بد للصغير منه وبيعه وإجارة الأظآر. وذلك جائز ممن يعوله وينفق عليه كالأخ والعم والأم والملتقط إذا كان في حجرهم. وإذا ملك هؤلاء هذا النوع فالولي أولى به، إلا أنه لا يشترط في حق الولي أن يكون الصبي في حجره، ونوع ثالث ما هو نفع محض كقبول الهبة والصدقة والقبض، فهذا يملكه الملتقط والأخ والعم والصبي بنفسه إذا كان يعقل، لأن اللائق بالحكمة فتح باب مثله نظرا للصبي فيملك بالعقل والولاية والحجر وصار بمنزلة الإنفاق.
قال:"ولا يجوز للملتقط أن يؤاجره، ويجوز للأم أن تؤاجر ابنها إذا كان في حجرها ولا يجوز للعم"؛ لأن الأم تملك إتلاف منافعه باستخدام، ولا كذلك الملتقط والعم "ولو أجر الصبي نفسه لا يجوز"؛ لأنه مشوب بالضرر "إلا إذا فرغ من العمل"؛ لأن عند ذلك تمحض نفعا فيجب المسمى وهو نظير العبد المحجور يؤاجر نفسه وقد ذكرناه.
قال:"ويكره أن يجعل الرجل في عنق عبده الراية" ويروون الداية، وهو طوق الحديد الذي يمنعه من أن يحرك رأسه، وهو معتاد بين الظلمة؛ لأنه عقوبة أهل النار فيكره كالإحراق بالنار "ولا يكره أن يقيده" لأنه سنة المسلمين في السفهاء وأهل الدعارة فلا يكره في العبد تحرزا عن إباقه وصيانة لماله.
قال:"ولا بأس بالحقنة يريد به التداوي" لأن التداوي مباح بالإجماع، وقد ورد بإباحته الحديث. ولا فرق بين الرجال والنساء إلا أنه لا ينبغي أن يستعمل المحرم كالخمر ونحوها؛ لأن الاستشفاء بالمحرم حرام.
قال:"ولا بأس برزق القاضي"؛ لأنه عليه الصلاة والسلام