للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو بالثقل كان حراما احتياطا، وإن رماه بسيف أو بسكين فأصابه بحده فجرحه حل، وإن أصابه بقفا السكين أو بمقبض السيف لا يحل؛ لأنه قتله دقا، والحديد وغيره فيه سواء ولو رماه فجرحه ومات بالجرح، إن كان الجرح مدميا يحل بالاتفاق، وإن لم يكن مدميا فكذلك عند بعض المتأخرين سواء كانت الجراحة صغيرة أو كبيرة؛ لأن الدم قد يحتبس بضيق المنفذ أو غلظ الدم وعند بعضهم يشترط الإدماء لقوله عليه الصلاة والسلام: "ما أنهر الدم وأفرى الأوداج فكل" شرط الإنهار، وعند بعضهم إن كانت كبيرة حل بدون الإدماء، ولو ذبح شاة ولم يسل منه الدم قيل لا تحل وقيل تحل ووجه القولين دخل فيما ذكرناه وإذا أصاب السهم ظلف الصيد أو قرنه، فإن أدماه حل وإلا فلا، وهذا يؤيد بعض ما ذكرناه.

قال: "وإذا رمى صيدا فقطع عضوا منه أكل الصيد" لما بيناه "ولا يؤكل العضو" وقال الشافعي رحمه الله: أكلا إن مات الصيد منه؛ لأنه مبان بذكاة الاضطرار فيحل المبان والمبان منه كما إذا أبين الرأس بذكاة الاختيار بخلاف ما إذا لم يمت؛ لأنه ما أبين بالذكاة ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: "ما أبين من الحي فهو ميت" ذكر الحي مطلقا فينصرف إلى الحي حقيقة وحكما، والعضو المبان بهذه الصفة؛ لأن المبان منه حي حقيقة لقيام الحياة فيه، وكذا حكما؛ لأنه تتوهم سلامته بعد هذه الجراحة ولهذا اعتبره الشرع حيا، حتى لو وقع في الماء وفيه حياة بهذه الصفة يحرم وقوله أبين بالذكاة.

قلنا: حال وقوعه لم يقع ذكاة لبقاء الروح في الباقي، وعند زواله لا يظهر في المبان لعدم الحياة فيه، ولا تبعية لزوالها بالانفصال فصار هذا الحرف هو الأصل؛ لأن المبان من الحي حقيقة وحكما لا يحل، والمبان من الحي صورة لا حكما يحل وذلك بأن يبقى في المبان منه حياة بقدر ما يكون في المذبوح فإنه حياة صورة لا حكما، ولهذا لو وقع في الماء وبه هذا القدر من الحياة أو تردى من جبل أو سطح لا يحرم فتخرج عليه المسائل، فنقول: إذا قطع يدا أو رجلا أو فخذا أو ثلثه مما يلي القوائم أو أقل من نصف الرأس يحرم المبان ويحل المبان منه؛ لأنه يتوهم بقاء الحياة في الباقي "ولو قده بنصفين أو قطعه أثلاثا والأكثر مما يلي العجز أو قطع نصف رأسه أو أكثر منه يحل المبان والمبان منه"؛ لأن المبان منه حي صورة لا حكما؛ إذ لا يتوهم بقاء الحياة بعد هذا الجرح، والحديث وإن تناول السمك وما أبين منه فهو ميت، إلا أن ميتته حلال بالحديث الذي رويناه "ولو ضرب عنق شاة فأبان رأسها يحل لقطع الأوداج" ويكره هذا الصنيع لإبلاغه النخاع، وإن ضربه من قبل القفا، إن مات قبل قطع الأوداج لا يحل، وإن لم يمت حتى قطع الأوداج حل "ولو ضرب صيدا

<<  <  ج: ص:  >  >>