للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "ويكون المرتهن في الفداء متطوعا في حصة الأمانة حتى لا يرجع على الراهن"؛ لأنه يمكنه أن لا يختاره فيخاطب الراهن، فلما التزمه، والحالة هذه كان متبرعا، وهذا على ما روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يرجع مع الحضور، وسنبين القولين إن شاء الله تعالى.

قال: "ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن فإنه يحتسب على المرتهن نصف الفداء من دينه"؛ لأن سقوط الدين أمر لازم فدى أو دفع فلم يجعل الراهن في الفداء متطوعا، ثم ينظر إن كان نصف الفداء مثل الدين أو أكثر بطل الدين، وإن كان أقل سقط من الدين بقدر نصف الفداء، وكان العبد رهنا بما بقي؛ لأن الفداء في نصف كان عليه، فإذا أداه الراهن، وهو ليس بمتطوع كان له الرجوع عليه فيصير قصاصا بدينه كأنه أوفى نصفه فيبقى العبد رهنا بما بقي.

قال: "ولو كان المرتهن فدى، والراهن حاضر فهو متطوع، وإن كان غائبا لم يكن متطوعا" وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد والحسن وزفر رحمهم الله: المرتهن متطوع في الوجهين؛ لأنه فدى ملك غيره بغير أمره فأشبه الأجنبي وله أنه إذا كان الراهن حاضرا أمكنه مخاطبته، فإذا فداه المرتهن فقد تبرع كالأجنبي، فأما إذا كان الراهن غائبا تعذر مخاطبته، والمرتهن يحتاج إلى إصلاح المضمون، ولا يمكنه ذلك إلا بإصلاح الأمانة فلا يكون متبرعا.

قال: "وإذا مات الراهن باع وصيه الرهن وقضى الدين"؛ لأن الوصي قائم مقامه، ولو تولى الموصى حيا بنفسه كان له ولاية البيع بإذن المرتهن فكذا لوصيه.

قال: "وإن لم يكن له وصي نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه"؛ لأن القاضي نصب ناظرا لحقوق المسلمين إذا عجزوا عن النظر لأنفسهم، والنظر في نصب الوصي ليؤدي ما عليه لغيره ويستوفي ماله من غيره.

قال: "وإن كان على الميت دين فرهن الوصي بعض التركة عند غريم من غرمائه لم يجز وللآخرين أن يردوه"؛ لأنه آثر بعض الغرماء بالإيفاء الحكمي فأشبه الإيثار بالإيفاء الحقيقي.

قال: "فإن قضى دينهم قبل أن يردوه جاز" لزوال المانع بوصول حقهم إليهم.

قال: "ولو لم يكن للميت غريم آخر جاز الرهن" اعتبارا بالإيفاء الحقيقي.

قال: "وبيع في دينه"؛ لأنه يباع فيه قبل الرهن فكذا بعده.

قال: "وإذا ارتهن الوصي بدين للميت على رجل جاز"؛ لأنه استيفاء وهو يملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>