قال:"فإن لم يفتك الشاة حتى ماتت في يد المرتهن قسم الدين على قيمة اللبن الذي شرب وعلى قيمة الشاة، فما أصاب الشاة سقط، وما أصاب اللبن أخذه المرتهن من الراهن"؛ لأن اللبن تلف على ملك الراهن بفعل المرتهن والفعل حصل بتسليط من قبله فصار كأن الراهن أخذه وأتلفه فكان مضمونا عليه فيكون له حصته من الدين فبقي بحصته، وكذلك ولد الشاة إذا أذن له الراهن في أكله، وكذلك جميع النماء الذي يحدث على هذا القياس.
قال:"وتجوز الزيادة في الرهن ولا تجوز في الدين" عند أبي حنيفة ومحمد ولا يصير الرهن رهنا بها وقال أبو يوسف: تجوز الزيادة في الدين أيضا وقال زفر والشافعي: لا تجوز فيهما، والخلاف معهما في الرهن، والثمن والمثمن والمهر والمنكوحة سواء، وقد ذكرناه في البيوع ولأبي يوسف في الخلافية الأخرى أن الدين في باب الرهن كالثمن في البيع، والرهن كالمثمن فتجوز الزيادة فيهما كما في البيع، والجامع بينهما الالتحاق بأصل العقد للحاجة والإمكان ولهما وهو القياس أن الزيادة في الدين توجب الشيوع في الرهن، وهو غير مشروع عندنا، والزيادة في الرهن توجب الشيوع في الدين، وهو غير مانع من صحة الرهن؛ ألا ترى أنه لو رهن عبدا بخمسمائة من الدين جاز، وإن كان الدين ألفا وهذا شيوع في الدين، والالتحاق بأصل العقد غير ممكن في طرف الدين؛ لأنه غير معقود عليه ولا معقود به بل وجوبه سابق على الرهن، وكذا يبقى بعد انفساخه، والالتحاق بأصل العقد في بدلي العقد، بخلاف البيع؛ لأن الثمن بدل يجب بالعقد، ثم إذا صحت الزيادة في الرهن وتسمى هذه زيادة قصدية يقسم الدين على قيمة الأول يوم القبض، وعلى قيمة الزيادة يوم قبضت، حتى لو كانت قيمة الزيادة يوم قبضها خمسمائة، وقيمة الأول يوم القبض ألفا والدين ألفا يقسم الدين أثلاثا، في الزيادة ثلث الدين، وفي الأصل ثلثا الدين اعتبارا بقيمتهما في وقتي الاعتبار، وهذا؛ لأن الضمان في كل واحد منهما يثبت بالقبض فتعتبر قيمة كل واحد منهما وقت القبض "وإذا ولدت المرهونة ولدا ثم إن الراهن زاد مع الولد عبدا، وقيمة كل واحد ألف فالعبد رهن مع الولد خاصة يقسم ما في الولد عليه وعلى العبد الزيادة"؛ لأنه جعله زيادة مع الولد دون الأم "ولو كانت الزيادة مع الأم يقسم الدين على قيمة الأم يوم العقد وعلى قيمة الزيادة يوم القبض، فما أصاب الأم قسم عليها وعلى ولدها"؛ لأن الزيادة دخلت على الأم.
قال:"فإن رهن عبدا يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول، فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن، والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله مكان الأول"؛ لأن الأول إنما دخل في ضمانه بالقبض والدين وهما باقيان فلا يخرج عن الضمان إلا بنقض