في بعض البلاد وصار كشعر الصدر والساق ولهذا يجب في شعر العبد نقصان القيمة. ولنا أن اللحية في وقتها جمال وفي حلقها تفويته على الكمال فتجب الدية كما في الأذنين الشاخصتين، وكذا شعر الرأس جمال؛ ألا ترى أن من عدمه خلقة يتكلف في ستره، بخلاف شعر الصدر والساق لأنه لا يتعلق به جمال. وأما لحية العبد فعن أبي حنيفة أنه يجب فيها كمال القيمة، والتخريج على الظاهر أن المقصود بالعبد المنفعة بالاستعمال دون الجمال بخلاف الحر.
قال:"وفي الشارب حكومة عدل هو الأصح" لأنه تابع للحية فصار كبعض أطرافها.
قال:"ولحية الكوسج إن كان على ذقنه شعرات معدودة فلا شيء في حلقه" لأن وجوده يشينه ولا يزينه "وإن كان أكثر من ذلك وكان على الخد والذقن جميعا لكنه غير متصل ففيه حكومة عدل" لأن فيه بعض الجمال "وإن كان متصلا ففيه كمال الدية" لأنه ليس بكوسج وفيه معنى الجمال، وهذا كله إذا فسد المنبت، فإن نبتت حتى استوى كما كان لا يجب شيء لأنه لم يبق أثر الجناية ويؤدب على ارتكابه ما لا يحل، وإن نبتت بيضاء فعن أبي حنيفة أنه لا يجب شيء في الحر لأنه يزيد جمالا، وفي العبد تجب حكومة عدل لأنه ينقص قيمته، وعندهما تجب حكومة عدل لأنه في غير أوانه يشينه ولا يزينه، ويستوي العمد والخطأ على هذا الجمهور. "وفي الحاجبين الدية وفي إحداهما نصف الدية" وعند مالك والشافعي رحمهما الله تجب حكومة عدل، وقد مر الكلام فيه في اللحية.
قال:"وفي العينين الدية، وفي اليدين الدية، وفي الرجلين الدية، وفي الشفتين الدية، وفي الأذنين الدية، وفي الأنثيين الدية" كذا روي في حديث سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قال:"وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف الدية" وفيما كتبه النبي عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم: "وفي العينين الدية، وفي إحداهما نصف الدية" ولأن في تفويت الاثنين من هذه الأشياء تفويت جنس المنفعة أو كمال الجمال فيجب كل الدية، وفي تفويت إحداهما تفويت النصف فيجب نصف الدية.
قال:"وفي ثديي المرأة الدية" لما فيه من تفويت جنس المنفعة "وفي إحداهما نصف دية المرأة" لما بينا.