للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضربة ثم خرج الجنين بعد ذلك حيا ثم مات فعليه دية في الأم ودية في الجنين" لأنه قاتل شخصين "وإن ماتت ثم ألقت ميتا فعليه دية في الأم ولا شيء في الجنين" وقال الشافعي: تجب الغرة في الجنين لأن الظاهر موته بالضرب فصار كما إذا ألقته ميتا وهي حية. ولنا أن موت الأم أحد سببي موته لأنه يختنق بموتها إذ تنفسه بتنفسها فلا يجب الضمان بالشك.

قال: "وما يجب في الجنين موروث عنه" لأنه بدل نفسه فيرثه ورثته "ولا يرثه الضارب، حتى لو ضرب بطن امرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الأب غرة ولا يرث منها" لأنه قاتل بغير حق مباشرة ولا ميراث للقاتل.

قال: "وفي جنين الأمة إذا كان ذكرا نصف عشر قيمته لو كان حيا وعشر قيمته لو كان أنثى" وقال الشافعي: فيه عشر قيمة الأم، لأنه جزء من وجه، وضمان الأجزاء يؤخذ مقدارها من الأصل. ولنا أنه بدل نفسه لأن ضمان الطرف لا يجب إلا عند ظهور النقصان، ولا معتبر في ضمان الجنين فكان بدل نفسه فيقدر بها. وقال أبو يوسف: يجب ضمان النقصان لو انتقصت الأم اعتبارا بجنين البهائم، وهذا لأن الضمان في قتل الرقيق ضمان مال عنده على ما نذكر إن شاء الله تعالى، فصح الاعتبار على أصله.

قال: "فإن ضربت فأعتق المولى ما في بطنها ثم ألقته حيا ثم مات ففيه قيمته حيا ولا تجب الدية وإن مات بعد العتق" لأنه قتله بالضرب السابق وقد كان في حالة الرق فلهذا تجب القيمة دون الدية، وتجب قيمته حيا لأنه بالضرب صار قاتلا إياه وهو حي فنظرنا إلى حالتي السبب والتلف. وقيل: هذا عندهما، وعند محمد تجب قيمته ما بين كونه مضروبا إلى كونه غير مضروب، لأن الإعتاق قاطع للسراية على ما يأتيك بعد إن شاء الله تعالى.

قال: "ولا كفارة في الجنين" وعند الشافعي تجب لأنه نفس من وجه فتجب الكفارة احتياطا. ولنا أن الكفارة فيها معنى العقوبة وقد عرفت في النفوس المطلقة فلا تتعداها ولهذا لم يجب كل البدل. قالوا: إلا أن يشاء ذلك لأنه ارتكب محظورا، فإذا تقرب إلى الله تعالى كان أفضل له ويستغفر مما صنع "والجنين الذي قد استبان بعض خلقه بمنزلة الجنين التام في جميع هذه الأحكام" لإطلاق ما روينا، ولأنه ولد في حق أمومية الولد وانقضاء العدة والنفاس وغير ذلك، فكذا في حق هذا الحكم، ولأن بهذا القدر يتميز من العلقة والدم فكان نفسها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>