قال:"ومن قال لعبده إن قتلت فلانا أو رميته أو شججته فأنت حر فهو مختار للفداء إن فعل ذلك" وقال زفر: لا يصير مختارا للفداء لأن وقت تكلمه لا جناية ولا علم له بوجوده، وبعد الجناية لم يوجد منه فعل يصير به مختارا.
ألا ترى أنه لو علق الطلاق أو العتاق بالشرط ثم حلف أن لا يطلق أو لا يعتق وجد الشرط وثبت العتق والطلاق لا يحنث في يمينه تلك، كذا هذا. ولنا أنه علق الإعتاق بالجناية والمعلق بالشرط ينزل عند وجود الشرط كالمنجز فصار كما إذا أعتقه بعد الجناية.
ألا يرى أن من قال لامرأته إن دخلت الدار فوالله لا أقربك يصير ابتداء الإيلاء من وقت الدخول، وكذا إذا قال لها إذا مرضت فأنت طالق ثلاثا فمرض حتى طلقت ومات من ذلك المرض يصير فارا لأنه يصير مطلقا بعد وجود المرض، بخلاف ما أورد لأن غرضه طلاق أو عتق يمكنه الامتناع عنه، إذ اليمين للمنع فلا يدخل تحته ما لا يمكنه الامتناع عنه، ولأنه حرضه على مباشرة الشرط بتعليق أقوى الدواعي إليه والظاهر أنه يفعله، فهذا دلالة الاختيار.
قال:"وإذا قطع العبد يد رجل عمدا فدفع إليه بقضاء أو بغير قضاء فأعتقه ثم مات من قطع اليد فالعبد صلح بالجناية، وإن لم يعتقه رد على المولى وقيل للأولياء اقتلوه أو اعفوا عنه" ووجه ذلك وهو أنه إذا لم يعتقه وسرى تبين أن الصلح وقع باطلا لأن الصلح كان عن المال؛ لأن أطراف العبد لا يجري القصاص بينها وبين أطراف الحر فإذا سرى تبين أن المال غير واجب، وإنما الواجب هو القود فكان الصلح واقعا بغير بدل فبطل والباطل لا يورث الشبهة، كما إذا وطئ المطلقة الثلاث في عدتها مع العلم بحرمتها عليه فوجب القصاص، بخلاف ما إذا أعتقه لأن إقدامه على الإعتاق يدل على قصده تصحيح الصلح لأن الظاهر أن من أقدم على تصرف يقصد تصحيحه ولا صحة له إلا وأن يجعل صلحا عن الجناية وما يحدث منها ولهذا لو نص عليه ورضي المولى به يصح وقد رضي المولى به لأنه لما رضي بكون العبد عوضا عن القليل يكون أرضى بكونه عوضا عن الكثير فإذا أعتق يصح الصلح في ضمن الإعتاق ابتداء وإذا لم يعتق لم يوجد الصلح ابتداء والصلح الأول وقع باطلا فيرد العبد إلى المولى والأولياء على خيرتهم في العفو والقتل. وذكر في بعض النسخ: رجل قطع يد رجل عمدا فصالح القاطع المقطوعة يده على عبد ودفعه إليه فأعتقه المقطوعة يده ثم مات من ذلك فالعبد صلح بالجناية إلى آخر ما ذكرنا من الرواية. وهذا الوضع يرد