قال:"ومن فقأ عيني عبد، فإن شاء المولى دفع عبده وأخذ قيمته وإن شاء أمسكه، ولا شيء له من النقصان عند أبي حنيفة، وقالا: إن شاء أمسك العبد وأخذ ما نقصه، وإن شاء دفع العبد وأخذ قيمته" وقال الشافعي: يضمنه كل القيمة ويمسك الجثة لأنه يجعل الضمان مقابلا بالفائت فبقي الباقي على ملكه، كما إذا قطع إحدى يديه أو فقأ إحدى عينيه. ونحن نقول: إن المالية قائمة في الذات وهي معتبرة في حق الأطراف لسقوط اعتبارها في حق الذات قصرا عليه. وإذا كانت معتبرة وقد وجد إتلاف النفس من وجه بتفويت جنس المنفعة والضمان يتقدر بقيمة الكل فوجب أن يتملك الجثة دفعا للضرر ورعاية للمماثلة، بخلاف ما إذا فقأ عيني حر لأنه ليس فيه معنى المالية، وبخلاف عيني المدبر لأنه لا يقبل الانتقال من الملك إلى ملك، وفي قطع إحدى اليدين وفقء إحدى العينين لم يوجد تفويت جنس المنفعة. ولهما أن معنى المالية لما كان معتبرا وجب أن يتخير المولى على الوجه الذي قلناه كما في سائر الأموال فإن من خرق ثوب غيره خرقا فاحشا إن شاء المالك دفع الثوب إليه وضمنه قيمته، وإن شاء أمسك الثوب وضمنه النقصان. وله أن المالية وإن كانت معتبرة في الذات فالآدمية غير مهدرة فيه وفي الأطراف أيضا، ألا ترى أن عبدا لو قطع يد عبد آخر يؤمر المولى بالدفع أو الفداء وهذا من أحكام الآدمية، لأن موجب الجناية على المال أن تباع رقبته فيها ثم من أحكام الأولى أن لا ينقسم على الأجزاء، ولا يتملك الجثة، ومن أحكام الثانية أن ينقسم ويتملك الجثة فوفرنا على الشبهين حظهما من الحكم.