الأول" لأنه استحق كل القيمة، لأن عند وجود الجناية عليه لا حق لغيره، وإنما انتقص بحكم المزاحمة من بعد.
قال: "ويرجع به على الغاصب" لأن الاستحقاق بسبب كان في يده ويسلم له، ولا يدفعه إلى ولي الجناية الأولى، ولا إلى ولي الجناية الثانية لأنه لا حق له إلا في النصف لسبق حق الأول وقد وصل ذلك إليه. ثم قيل: هذه المسألة على الاختلاف كالأولى، وقيل على الاتفاق. والفرق لمحمد أن في الأولى الذي يرجع به عوض عما سلم لولي الجناية الأولى لأن الجناية الثانية كانت في يد المالك، فلو دفع إليه ثانيا يتكرر الاستحقاق، فأما في هذه المسألة فيمكن أن يجعل عوضا عن الجناية الثانية لحصولها في يد الغاصب فلا يؤدي إلى ما ذكرناه.
قال: "ومن غصب صبيا حرا فمات في يده فجأة أو بحمى فليس عليه شيء، وإن مات من صاعقة أو نهسة حية فعلى عاقلة الغاصب الدية" وهذا استحسان. والقياس أن لا يضمن في الوجهين وهو قول زفر والشافعي، لأن الغصب في الحر لا يتحقق؛ ألا يرى أنه لو كان مكاتبا صغيرا لا يضمن مع أنه حر يدا، فإذا كان الصغير حرا رقبة ويدا أولى. وجه الاستحسان أنه لا يضمن بالغصب ولكن يضمن بالإتلاف، وهذا إتلاف تسببيا لأنه نقله إلى أرض مسبعة أو إلى مكان الصواعق، وهذا لأن الصواعق والحيات والسباع لا تكون في كل مكان، فإذا نقله إليه فهو متعد فيه وقد أزال حفظ الولي فيضاف إليه، لأن شرط العلة ينزل منزلة العلة إذا كان تعديا كالحفر في الطريق، بخلاف الموت فجأة أو بحمى، لأن ذلك لا يختلف باختلاف الأماكن، حتى لو نقله إلى موضع يغلب فيه الحمى والأمراض نقول بأنه يضمن فتجب الدية على العاقلة لكونه قتلا تسبيبا.
قال: "وإذا أودع صبي عبدا فقتله فعلى عاقلته الدية، وإن أودع طعاما فأكله لم يضمن" وهذا عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف والشافعي: يضمن في الوجهين جميعا، وعلى هذا إذا أودع العبد المحجور عليه مالا فاستهلكه لا يؤاخذ بالضمان في الحال عند أبي حنيفة ومحمد، ويؤاخذ به بعد العتق. وعند أبي يوسف والشافعي يؤاخذ به في الحال. وعلى هذا الخلاف الإقراض والإعارة في العبد والصبي. وقال محمد في أصل الجامع الصغير: صبي قد عقل، وفي الجامع الكبير وضع المسألة في صبي ابن اثنتي عشرة سنة، وهذا يدل على أن غير العاقل يضمن بالاتفاق لأن التسليط غير معتبر وفعله معتبر لهما أنه أتلف مالا متقوما معصوما حقا لمالكه فيجب عليه الضمان كما إذا كانت الوديعة عبدا وكما إذا أتلفه غير