ثلاثة أسهم من خمسة أسهم" قال رضي الله عنه: وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وعن محمد رحمه الله أنه يقسم على سبعة أسهم لهن ثلاثة ولكل فريق سهمان، وأصله أن الوصية لأمهات الأولاد جائزة والفقراء والمساكين جنسان، وفسرناهما في الزكاة لمحمد رحمه الله أن المذكور لفظ الجمع وأدناه في الميراث اثنان نجد ذلك في القرآن فكان من كل فريق اثنان وأمهات الأولاد ثلاث فلهذا يقسم على سبعة. ولهما أن الجمع المحلى بالألف واللام يراد به الجنس، وأنه بتناول الأدنى مع احتمال الكل، لا سيما عند تعذر صرفه إلى الكل فيعتبر من كل فريق واحد فبلغ الحساب خمسة والثلاثة للثلاث.
قال: "ولو أوصى بثلثه لفلان وللمساكين فنصفه لفلان ونصفه للمساكين عندهما" وعند محمد ثلثه لفلان وثلثاه للمساكين، ولو أوصى للمساكين له صرفه إلى مسكين واحد عندهما، وعنده لا يصرف إلا إلى مسكينين بناء على ما بيناه.
قال: "ومن أوصى لرجل بمائة درهم ولآخر بمائة ثم قال لآخر قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة" لأن الشركة للمساواة لغة، وقد أمكن إثباته بين الكل بما قلناه لاتحاد المال لأنه يصيب كل واحد منهم ثلثا مائة، بخلاف ما إذا أوصى لرجل بأربعمائة ولآخر بمائتين ثم كان الإشراك لأنه لا يمكن تحقيق المساواة بين الكل لتفاوت المالين فحملناه على مساواته كل واحد بتنصيف نصيبه عملا باللفظ بقدر الإمكان.
قال: "ومن قال لفلان علي دين فصدقوه" معناه قال ذلك لورثته "فإنه يصدق إلى الثلث" وهذا استحسان. وفي القياس لا يصدق لأن الإقرار بالمجهول وإن كان صحيحا لكنه لا يحكم به إلا بالبيان وقوله فصدقوه صدر مخالفا للشرع لأن المدعي لا يصدق إلا بحجة فتعذر إثباته إقرارا مطلقا فلا يعتبر، وجه الاستحسان أنا نعلم أن من قصده تقديمه على الورثة وقد أمكن تنفيذ قصده بطريق الوصية وقد يحتاج إليه من يعلم بأصل الحق عليه دون مقداره سعيا منه في تفريغ ذمته فبجعلها وصية جعل التقدير فيها إلى الموصى له كأنه قال إذا جاءكم فلان وادعى شيئا فأعطوه من مالي ما شاء، وهذه معتبرة من الثلث فلهذا يصدق على الثلث دون الزيادة.
قال: "وإن أوصى بوصايا غير ذلك يعزل الثلث لأصحاب الوصايا والثلثان للورثة" لأن ميراثهم معلوم. وكذا الوصايا معلومة وهذا مجهول فلا يزاحم المعلوم فيقدم عزل المعلوم، وفي الإفراز فائدة أخرى وهو أن أحد الفريقين قد يكون أعلم بمقدار هذا الحق وأبصر به، والآخر ألد خصاما، وعساهم يختلفون في الفضل إذا ادعاه الخصم وبعد الإفراز