للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة، لأنه إن كان المقصود بجميعها رضا لله تعالى فكل واحدة في نفسها مقصود فتنفرد كما تنفرد وصايا الآدميين.

قال: "ومن أوصى بحجة الإسلام أحجوا عنه رجلا من بلده يحج راكبا" لأن الواجب لله تعالى الحج من بلده ولهذا يعتبر فيه من المال ما يكفيه من بلده والوصية لأداء ما هو الواجب عليه وإنما قال راكبا لأنه لا يلزمه أن يحج ماشيا فانصرف إليه على الوجه الذي وجب عليه.

قال: "فإن لم تبلغ الوصية النفقة أحجوا عنه من حيث تبلغ" وفي القياس لا يحج عنه، لأنه أمر بالحجة على صفة عدمناها فيه، غير أنا جوزناه لأنا نعلم أن الموصي قصد تنفيذ الوصية فيجب تنفيذها ما أمكن والممكن فيه ما ذكرناه، وهو أولى من إبطالها رأسا، وقد فرقنا بين هذا وبين الوصية بالعتق من قبل.

قال: "ومن خرج من بلده حاجا فمات في الطريق وأوصى أن يحج عنه يحج عنه من بلده" عند أبي حنيفة وهو قول زفر. وقال أبو يوسف ومحمد. يحج عنه من حيث بلغ استحسانا، وعلى هذا الخلاف إذا مات الحاج عن غيره في الطريق. لهما أن السفر بنية الحج وقع قربة وسقط فرض قطع المسافة بقدره وقد وقع أجره على الله فيبتدئ من ذلك المكان كأنه من أهله، بخلاف سفر التجارة لأنه لم يقع قربة فيحج عنه من بلده. وله أن الوصية تنصرف إلى الحج من بلده على ما قررناه أداء للواجب على الوجه الذي وجب، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>