كما في الميراث بخلاف ما إذا أوصى لذي قرابته حيث يكون للعم كل الوصية، لأن اللفظ للفرد فيحرز الواحد كلها إذ هو الأقرب، ولو كان له عم واحد فله الثلث لما بيناه، ولو ترك عما وعمة وخالا وخالة فالوصية للعم والعمة بينهما بالسوية لاستواء قرابتهما وهي أقوى، والعمة وإن لم تكن وارثة فهي مستحقة للوصية كما لو كان القريب رقيقا أو كافرا، وكذا إذا أوصى لذوي قرابته أو لأقربائه أو لأنسبائه في جميع ما ذكرنا، لأن كل ذلك لفظ جمع، ولو انعدم المحرم بطلت الوصية لأنها مقيدة بهذا الوصف.
قال:"ومن أوصى لأهل فلان فهي على زوجته عند أبي حنيفة"، وقال: يتناول كل من يعولهم وتضمهم نفقته اعتبارا للعرف وهو مؤيد بالنص، قال الله تعالى:{وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}[يوسف:٩٣] وله أن اسم الأهل حقيقة في الزوجة يشهد بذلك قوله تعالى: {وَسَارَ بِأَهْلِهِ}[القصص:٢٩] ومنه قولهم تأهل ببلدة كذا، والمطلق ينصرف إلى الحقيقة.
قال:"ولو أوصى لآل فلان فهو لأهل بيته" لأن الآل القبيلة التي ينسب إليها، ولو أوصى لأهل بيت فلان يدخل فيه أبوه وجده لأن الأب أصل البيت، ولو أوصى لأهل نسبه أو لجنسه فالنسب عبارة عمن ينسب إليه، والنسب يكون من جهة الآباء، وجنسه أهل بيت أبيه دون أمه لأن الإنسان يتجنس بأبيه، بخلاف قرابته حيث تكون من جانب الأم والأب، ولو أوصى لأيتام بني فلان أو لعميانهم أو لزمناهم أو لأراملهم إن كانوا قوما يحصون دخل في الوصية فقراؤهم وأغنياؤهم ذكورهم وإناثهم، لأنه أمكن تحقيق التمليك في حقهم والوصية تمليك. وإن كانوا لا يحصون فالوصية في الفقراء منهم، لأن المقصود من الوصية القربة وهي في سد الخلة ورد الجوعة. وهذه الأسامي تشعر بتحقق الحاجة فجاز حمله على الفقراء، بخلاف ما إذا أوصى لشبان بني فلان وهم لا يحصون أو لأيامى بني فلان وهم لا يحصون حيث تبطل الوصية، لأنه ليس في اللفظ ما ينبئ عن الحاجة فلا يمكن صرفه إلى الفقراء، ولا يمكن تصحيحه تمليكا في حق الكل للجهالة المتفاحشة وتعذر الصرف إليهم، وفي الوصية للفقراء والمساكين يجب الصرف إلى اثنين منهم اعتبارا لمعنى الجمع، وأقله اثنان في الوصايا على ما مر. ولو أوصى لبني فلان يدخل فيهم الإناث في قول أبي حنيفة أول قوليه وهو قولهما لأن جمع الذكور يتناول الإناث، ثم رجع وقال: يتناول الذكور خاصة لأن حقيقة الاسم للذكور وانتظامه للإناث تجوز والكلام لحقيقته، بخلاف ما إذا كان بنو فلان اسم قبيلة أو فخذ حيث يتناول الذكور والإناث لأنه ليس يراد بها