قال:"فإن قاسم الورثة وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى له بثلث ما بقي" لما بينا.
قال:"وإن كان الميت أوصى بحجة فقاسم في الورثة فهلك ما في يده حج عن الميت من ثلث ما بقي، وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج عنه فضاع في يده" وقال أبو يوسف: إن كان مستغرقا للثلث لم يرجع بشيء، وإلا يرجع بتمام الثلث. وقال محمد: لا يرجع بشيء لأن القسمة حق الموصي، ولو أفرز الموصي بنفسه مالا ليحج عنه فهلك لا يلزمه شيء وبطلت الوصية، فكذا إذا أفرزه وصيه الذي قام مقامه. ولأبي يوسف أن محل الوصية الثلث فيجب تنفيذها ما بقي محلها، وإذا لم يبق بطلت لفوات محلها. ولأبي حنيفة أن القسمة لا تراد لذاتها بل لمقصودها وهو تأدية الحج فلم تعتبر دونه وصار كما إذا هلك قبل القسمة فيحج بثلث ما بقي، ولأن تمامها بالتسليم إلى الجهة المسماة، إذ لا قابض لها، فإذا لم يصرف إلى ذلك الوجه لم يتم فصار كهلاكه قبلها.
قال:"ومن أوصى بثلث ألف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها والموصى له غائب فقسمته جائزة" لأن الوصية صحيحة، ولهذا لو مات الموصى له قبل القبول تصير الوصية ميراثا لورثته والقاضي نصب ناظرا لا سيما في حق الموتى والغيب، ومن النظر إفراز نصيب الغائب وقبضه فنفذ ذلك وصح، حتى لو حضر الغائب وقد هلك المقبوض لم يكن له على الورثة سبيل.
قال:"وإذا باع الوصي عبدا من التركة بغير محضر من الغرماء فهو جائز" لأن الوصي قائم مقام الموصي، ولو تولى حيا بنفسه يجوز بيعه بغير محضر من الغرماء وإن كان في مرض موته فكذا إذا تولاه من قام مقامه، وهذا لأن حق الغرماء متعلق بالمالية لا بالصورة والبيع لا يبطل المالية لفواتها إلى خلف وهو الثمن. بخلاف العبد المديون لأن للغرماء حق الاستسعاء وأما هاهنا فبخلافه.
قال:"ومن أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فضاع في يده فاستحق العبد ضمن الوصي" لأنه هو العاقد فتكون العهدة عليه، وهذه عهدة لأن المشتري منه ما رضي ببذل الثمن إلا ليسلم له المبيع ولم يسلم فقد أخذ الوصي البائع مال الغير بغير رضاه فيجب عليه رده.
قال:"ويرجع فيما ترك الميت" لأنه عامل له فيرجع عليه كالوكيل، وكان